ولا نظير يضاهيه. (لَهُ الْحَمْدُ) استحقاقا على عطيّته ، وله الشكر استيجابا على نعمته ؛ ففى الدنيا المحمود الله ، وفي العقبى المشكور الله ؛ فالإحسان من الله لأن السلطان لله ، والنعمة من الله لأنّ الرحمة لله ، والنصرة من الله لأنّ القدرة لله.
قوله جل ذكره : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ (٧١))
إن دامت ليالى الفترة فمن الذي يأتى بنهار التوبة غير الله؟
وإن دامت ليالى الطّلب فمن الذي يأتى بصبح الوجود غير الله؟
وإن دامت ليالى القبض فمن الذي يأتى بصبح البسط غير الله؟
وإن دام ليل الفراق فمن الذي يأتى بصبح الوصال غير الله؟
قوله جل ذكره : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ (٧٢))
إن دام في الوصلة نهاركم فأيّ سبيل للواشين إلى تنغيص سروركم؟
وإن دام نهار معاشكم ووقت اشتغالكم بحظوظكم فمن إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه إلى الله إلا الله ، وتستريحون من أشغالكم بالخلوة مع الله إلا الله (١).
قوله جل ذكره : (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٧٣))
__________________
(١) منذ أشرقت على القشيري آية : (وَهُوَ اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ..) ولفظ الجلالة لا يكاد بغيب عنا في إشاراته ، مما يدل ـ والله أعلم ـ على أن الرجل ذاكر أخذته حالة انمحاء فى المذكور .. وقد حرصنا أن نلفت نظر القارئ إلى هذا الملحظ ليشعر بالفرق بين المفسر التقليدى والمفسر الإشارى .. إن الكلمات هنا أشبه بالتسابيح الوافدة من عالم بعيد!