فمن قرأ : جزاء بالرفع ، جعله مبتدأ. وله ، خبره ، وتقديره ، فله جزاء الخصال الحسنى. فحذف الموصوف وأقام الصفة مقامه. والحسنى فى موضع جر بالإضافة ، ويجوز أن تكون (الحسنى) فى موضع رفع على البدل من (جزاء) والأصل فيه التنوين ، وحذفه لالتقاء الساكنين كقوله تعالى :
(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ)(١).
فيمن حذف التنوين من (أحد) ونظائره كثيرة.
ومن قرأ (جزاء) بالنصب مع التنوين ، نصبه على المصدر فى موضع الحال ، والعامل فيه له ، أى : ثبت الحسنى له جزاء.
وقيل ، جزاء منصوب على التمييز.
قوله تعالى : (لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً) (٩٣).
وقرئ (يفقهون) بضم الياء وكسر القاف ، وتقديره يفقهون الناس قولا. فحذف المفعول الأول ، وبقى (قولا) المفعول الثانى ، وجاز الحذف لأن هذا الفعل من الأفعال التى تتعدى ، ويجوز الاقتصار على أحدهما ولا حذف فى قراءة من قرأ بفتح الياء وفتح القاف.
قوله تعالى : (آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) (٩٦).
قطرا ، منصوب ب (أفرغ) عند البصريين ، لا (بآتونى) ، لأن (أفرغ) أقرب من (آتونى) ، فكان إعماله أولى ، لأن القرب له أثر فى قوة العمل ، ولهذا أعملوا الأقرب فى : خشنت بصدره وصدر زيد (٢). ولأنه لو كان منصوبا ب (آتونى)
__________________
(١) ١ ، ٢ سورة الإخلاص.
(٢) يقيس الأنبارى إعمال الثانى الأقرب على نحو قولهم : خشنت بصدره وصدر زيد. فيختارون إعمال الباء فى المعطوف ، ولا يختارون إعمال الفعل فيه ، لأنها أقرب إليه منه ، وليس فى إعمالها نقص معنى ، فكان إعمالها أولى. الإنصاف ١ / ٦٤.