قوله تعالى : (ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ) (٦).
ما ، فيها وجهان.
أحدهما : أن تكون نافية لأن (آباؤهم) لم ينذروا قبل النبى عليهالسلام.
والثانى : أنها مصدرية فى موضع نصب ، وتقديره ، لننذر قوما إنذارا مثل إنذارنا آباءهم (١) ممن كانوا فى زمان إبراهيم وإسماعيل. ويؤيد هذا قول عكرمة : إنه كان قد أنذر آباءهم. والوجه الأول أوجه الوجهين.
قوله تعالى : (وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) (١٢).
نكتب ما قدموا وآثارهم ، وهى السنن التى سنّوها ، فعمل بها من بعدهم. نكتب ما قدموا ، تقديره ، سنكتب ذكر ما قدموا وذكر آثارهم. فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. وكل شىء أحصيناه ، منصوب بفعل مقدر دل عليه (أحصيناه) ، وتقديره ، أحصينا كل شىء أحصيناه. وهو المختار ، ليعطف ما عمل فيه الفعل ، على ما عمل فيه الفعل ، كقول الشاعر :
١٥٤ ـ أصبحت لا أحمل السلاح ولا |
|
أردّ رأس البعير إن نفرا |
والذئب أخشاه إن مررت به |
|
وحدى وأخشى الرّياح والمطرا (٢) |
__________________
(١) (آباؤهم) فى أ ، ب.
(٢) من شواهد سيبويه ، وهما للربيع بن ضبع الفزارى : الكتاب ١% ١٤٦. استشهد فى البيتين لاختيار النصب فى الاسم إذا كان قبله اسم بنى على الفعل وعمل فيه طلبا للاعتدال ، وتقدير البيت : أصبحت لا أهمل السلاح وأخشى الذئب أخشاه. فحذف الفعل الناصب للذئب لدلالة الفعل الثانى عليه.