(ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ)(١)
وبفتحها ههنا ، وإنما فعلوا ذلك ، إشعارا بفتح الابتداء ب (لا أعبد الذى فطرنى) ، ففتحوا الياء ليكون ذلك مبعدا لهم من صورة الوقف على الياء ، لأنهم لو سكنوا لكان صورة السكون مثل صورة الوقف ، فيكون كأنه قد ابتدأ بقوله :
(لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي)
وفيه من الاستقباح مالا خفاء به. وقد بينا ذلك مستوفى فى المسائل البخارية.
قوله تعالى : (بِما غَفَرَ لِي رَبِّي) (٢٧).
فيها ثلاثة أوجه.
الأول : أن تكون بمعنى الذى ، وغفر لى ، صلته ، والعائد محذوف والتقدير ، الذى غفره لى ربى ، فحذفه تخفيفا.
والثانى : أن تكون مصدرية وتقديره ، بغفران ربى لى.
والثالث : أن تكون استفهامية وفيه معنى التعجب من مغفرة الله ، وتقديره ، بأى شىء غفر لى ربّى ، على التحقير لعمله والتعظيم لمغفرة ربه ، إلا أن فى هذا الوجه ضعفا لأنه لو كانت (ما) ههنا استفهامية ، لكان ينبغى أن تحذف الألف منها لدخول حرف الجر عليها لأن (ما) الاستفهامية إذا دخل عليها حرف الجر حذفت ألفها للتخفيف ، نحو ، بم وعمّ وممّ ، ولا تثبت إلا فى الشعر ، كقول الشاعر :
١٥٥ ـ علاما قام يشتمنى لئيم |
|
كخنزير تمرّغ فى دمان (٢) |
__________________
(١) ٢٠ سورة النمل.
(٢) البيت لحسان بن ثابت من قصيدة يهجو بنى عابد بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم ومطلعها :
فإن تصلح فإنك عابدىّ |
|
وصلح العابدىّ إلى فساد ـ |
ـ والبيت هكذا :
على ما قام يشتمنى لئيم |
|
كخنزير تمرغ فى رماد |
خزانة الأدب ٤ / ٥٥٤.
شواهد التوضيح والتصحيح ١٦١ مطبعة لجنة البيان العربى ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقى ١٣٧٦ ـ ه ١٩٥٧ م.