والرابع : أن يكون جوابه (كم أهلكنا) وتقديره ، لكم أهلكنا ، فحذفت اللام ، كما حذفت من قوله تعالى :
(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها)(١)
أى ، لقد أفلح ، وهذا قول الفراء.
قوله تعالى : (فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) (٣).
ولات ، حرف بمعنى (ليس) ، وله اسم وخبر كليس ، وتقديره ، ولات الحين حين مناص ، ولا يكون اسمه وخبره إلا الحين ، ولا يجوز إظهار اسمه ، لأنه أوغل فى الفرعية ، لأنه فرع على (ما) ، و (ما) فرع على (ليس) فألزم طريقة واحدة.
وأما من قرأ (ولات حين مناص) بالرفع فأضمر الخبر ، فهو من الشاذ الذى لا يقاس عليه ، كقولهم : ملحفة جديدة ، وقياسه ملحفة جديد. وكقول الشاعر :
وإذ ما مثلهم بشر (٢)
فنصب خبر (ما) مع تقديمه على اسمها ، وذلك شاذ لا يقاس عليه. والتاء فى (لات) لتأنيث الكلمة ، وهى عند البصريين بمنزلة التاء فى الفعل ، نحو ، ضربت وذهبت ، والوقف عليها بالتاء ، وعليه خط المصحف ، وهى عند الكوفيين بمنزلة التاء فى الاسم ، نحو ، ضارية وذاهبة ، والوقف عليها عندهم بالهاء ، وروى ذلك عن الكسائى ، والأقيس مذهب البصريين ، لأن الحرف إلى الفعل أقرب منه إلى الاسم ، وذهب أبو عبيد القسم بن سلّام ، إلى أن التاء تتعلق ب (حين) ، والأكثرون على خلافه.
__________________
(١) ٩ سورة الشمس.
(٢) هذا شطر بيت من شواهد سيبويه ١ / ٢٩ وقد نسبه إلى الفرزدق والبيت :
فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم |
|
إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر |
استشهد به على تقديم خبر (ما) منصوبا ، والفرزدق تميمى ، يرفعه مؤخرا ، فكيف إذا تقدم؟.