١٦١ ـ قليل بها الأصوات إلّا بغامها (١)
ولو لم يكن فى معنى النفى ، لما جاز الإبدال ، فكأنه قال : ما بها الأصوات إلا بغامها.
قوله تعالى : (إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ) (٧١).
السلاسل ، مرفوع لأنه معطوف على (الأغلال) ، وتقديره إذ الأغلال والسلاسل فى أعناقهم ، ومنهم من وقف على (أعناقهم) ، وابتدأ (والسلاسل يسحبون فى الحميم) وتقديره ، والسلاسل يسحبون بها فى الحميم. فحذف الجار والمجرور ، وقرئ (والسلاسل يسحبون) ، بنصب اللام وفتح الياء من (يسحبون) ، على أنه مفعول (يسحبون) ، وتقديره ، يسحبون السلاسل. وقرئ (والسلاسل) بالجر ، بالعطف على (أعناقهم) ، وهى قراءة ضعيفة لأنه يصير المعنى ، الأغلال فى الأعناق والسلاسل. ولا معنى للأغلال فى السلاسل. وقيل هو معطوف على (الحميم) ، وهذا ضعيف جدا ، لأن المعطوف المجرور لا يتقدم على المعطوف عليه ، وقد يجىء التقديم للضرورة قليلا فى المرفوع ، وفى المنصوب أقل منه ، ولم يجىء ذلك فى المجرور ، ولم يجزه أحد ألبتة.
قوله تعالى : (فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ) (٨١).
أى ، استفهام ، وهى منصوب ب (تنكرون) ، والاستفهام إنما ينصب بما بعده ، لأن الاستفهام له صدر الكلام.
__________________
(١) هذا شطر بيت من شواهد سيبويه ١ / ٣٧٠ وقد نسبه إلى ذى الرمة ، والبيت :
أنيخت فألقت بلدة فوق بلدة |
|
قليل بها الأصوات إلّا بغامها |
الشاهد فى وصف الأصوات بقوله : إلا بغامها ، على تأويل (غير). والمعنى ، قليل بها الأصوات غير بغامها ، أى الأصوات التى هى صوت الناقة ، ويجوز أن يكون البغام بدلا من الأصوات على أن يكون (قليل) بمعنى النفى ، فكأنه قال : ليس بها صوت إلا بغامها ، وصف ناقة أناخها فى فلاة لا يسمع فيها صوت إلا صوتها لقلة خيرها. وأراد بالبلدة الأولى ما يقع على الأرض من صدر الناقة إذا بركت ، وبالبلدة الأخيرة الفلاة.