ولا يجوز أن تنصبه ب (يهجعون) و (ما) مصدرية ، لأنك تكون قد قدمت الصلة على الموصول.
والثالث : أن تكون (ما) مع ما بعدها مصدرا فى موضع رفع على البدل من المضمر فى (كان). وقليلا ، خبر كان ، وتقديره ، كان هجوعهم من الليل قليلا ، ولا يجوز أن يرفع المصدر ب (قليل) ، لأن (قليلا) موصوف بقوله تعالى : (مِنَ اللَّيْلِ).
وما كان من هذا النحو موصوفا كاسم الفاعل والصفة المشبهة به ، فإنه لا يجوز إعماله ، لأنه إنما عمل يشبه الفعل ، والصفة تخرجه عن شبه الفعل ، ويبعد أن تكون (ما) فى الآية نافية ، لأنه لا يخلو إمّا أن يكون (من الليل) صفة ل (قليلا) ، أو متعلقا به (يهجعون) بعد حرف النفى ، بطل أن يكون صفة ل (قليل) لأنه يكون ظرف زمان ، وظروف الزمان لا تكون أخبارا عن الجثث ، وإن جعلته متعلقا ب (يهجعون) بعد حرف النفى قدمت ما فى حيز النفى عليه ، وذلك لا يجوز ألا ترى أنه لا يجوز أن تقول : زيدا ما ضربت. ولا يجوز هذا إلا أن يقال : إنّ (من الليل) ظرف ، فيجوز فيه مالا يجوز فى المفعول الصحيح ، فهذا وجه.
قوله تعالى : (وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ (٢٠) وَفِي أَنْفُسِكُمْ) (٢١).
إن رفعت (آيات) بالابتداء ، و (فى الأرض) خبره ، كان الضمير فى قوله تعالى : (وَفِي أَنْفُسِكُمْ) كالضمير فى خبر المبتدأ ، وإن رفعت (آيات) بالظرف على قول أبى الحسن ، كان الضمير فى (أنفسكم) ، كالضمير فى الفعل ، نحو ، جاء زيد وذهب. ولا يجوز أن يتعلق (فى أنفسكم) بقوله تعالى : (أَفَلا تُبْصِرُونَ) ، على تقدير ، أفلا تبصرون فى أنفسكم لأنه يؤدى إلى أن يتقدم ما فى حيز الاستفهام على حرف الاستفهام ، بل لو قدرت ما دل عليه (أَفَلا تُبْصِرُونَ) ، كما تقدر فى قوله تعالى :