قوله تعالى : (وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ) (٣).
تولّوا ، أصله تتولّوا ، فحذفت إحدى التاءين لأنّه اجتمع حرفان متحركان من جنس واحد ، فاستشقلوا اجتماعهما ، فحذفوا إحداهما تخفيفا ، ومنهم من ذهب إلى أنّ المحذوفة الثانية ، ومنهم من ذهب إلى أنّ المحذوفة الأولى وهى تاء المضارعة.
والذى أذهب إليه أنّ المحذوفة الثانية ، لا تاء المضارعة ، لأنّ تاء المضارعة زيدت لمعنى ، والتاء الثانية لم تزد لمعنى ، فكان حذفها وتبقية الأولى أولى.
قوله تعالى : (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ) (٩).
اللام فى (لئن) ، موطّئة لقسم مقدّر ، وليست جوابا للقسم ، وإنّما جوابه قوله : (إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ). وأعنى جواب القسم عن جواب الشّرط ، ولهذا قال تعالى :
(قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ)(١)
فرفع (لا يأتون) على أنّه جواب القسم الّذى هيّأته اللّام ، وتقديره ، والله لا يأتون. ولو كان جواب الشّرط ، لكان مجزوما ، فلمّا رفع دلّ على أنّه جواب القسم ، واستغنى به عن جواب الشّرط ، كقول الشاعر :
٩٧ ـ لئن عاد لى عبد العزيز بمثلها |
|
وأمكننى منها إذن لا أقيلها (٢) |
فرفع (لا أقيلها) لأنّ تقديره ، والله لا أقيلها ، ولو كان جواب الشّرط لقال : (لا أقلها) بالجزم ، واستغنى بجواب القسم عن جواب الشرط.
__________________
(١) ٨٨ سورة الإسراء.
(٢) من شواهد سيبويه ١ ـ ٤١٢ وقد عزاه إلى كثير عزة.