الأشياء ، أنّها مختارة لله ، إنما أوجبت أنه يختار ما كان لهم فيه الخيرة لا غير ، ونفي ما ليس لهم فيه الخيرة ، وهو الخير موقوفا. وهذا هو مذهب القدريّة والمعتزلة. فكون (ما) للنفي أولى في المعنى وأصحّ في التفسير ، وأحسن في الاعتقاد ، وأقوى في العربيّة ؛ ألا ترى أنّك لو جعلت «ما» في موضع نصب لكان ضميرها في (كانَ) اسمها ، ولوجب نصب (الْخِيَرَةُ) ، ولم يقرأ بذلك أحد.
وقد قيل في تفسير هذه الآية : إن معناها : وربّك يا محمد يخلق ما يشاء ، ويختار لولايته ورسالته من يريد ، ثم ابتدأ بنفي الاختيار عن المشركين ، وأنّهم لا قدرة لهم ، فقال : (ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) ، أي ليس الولاية والرسالة وغير (١) ذلك باختيارهم ولا بمرادهم ، والله أعلم بما أراد من ذلك. وهذه الآية تحتاج إلى بسط أكثر من هذا ، وفيما أشرنا إليه كفاية.
١٦٦٨ ـ قوله تعالى : (ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ) ـ ٧٦ ـ (ما) في موضع نصب ب (آتَيْناهُ) مفعولا (٢) ثانيا ، و (إِنَّ) واسمها وخبرها وما يتصل بها إلى قوله : (أُولِي الْقُوَّةِ) في صلة (ما). وواحد «أولي» «ذي».
١٦٦٩ ـ قوله تعالى : (وَيْكَأَنَّ اللهَ) ـ ٨٢ ـ أصلها «وي» منفصلة من الكاف. قال سيبويه (٣) عن الخليل في معناها : إنّ القوم انتبهوا أو نبّهوا ، فلما انتبهوا قالوا : وي ، وهي ، أعني «وي» ، كلمة يقولها المتندّم إذا أظهر ندامته. وقال الفرّاء (٤) : «وي» متصلة بالكاف ، وأصلها : ويلك إنّ الله ، ثم حذفت اللام ، واتصلت الكاف ب أنّ (٥) ؛ وفيه بعد في المعنى والإعراب ؛ لأنّ القوم لم يخاطبوا أحدا ، ولأنّ حذف اللام من هذا
__________________
(١) في الأصل : «وغير ذلك إلى اختيارهم ومرادهم».
(٢) في الأصل : «ومفعولا».
(٣) الكتاب ٢٩٠/١.
(٤) معاني القرآن ٣١٢/٢.
(٥) في الأصل : «وي».