والصحيح أنّ الله جلّ ذكره أعلمنا أنه خلق الشر ، وأمرنا أن نتعوّذ منه ، [فإذا خلق الشّرّ](١) ، وهو خالق الخير بلا خلاف بين المسلمين والملحدين ، فدلّ ذلك أنّ الله تعالى خلق أعمال العباد كلّها ، من خير وشر ، فيجب أن تكون (ما) والفعل مصدرا ، فيكون معنى الكلام : إنّ الله عمّ جميع الأشياء ، أنها مخلوقة له ، فقال جلّ ذكره : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) ، أي وعملكم (٢).
وقد قالت المعتزلة : إن (ما) بمعنى الذي ، فرارا [من] أن يقرّوا بعموم الخلق لله ، فإنما أخبر على قولهم : أنه خلقهم وخلق الأشياء التي نحتت منها الأصنام ، وبقيت الأعمال والحركات غير داخلة في خلق الله ، تعالى الله عن ذلك ، بل كلّ شيء خلق لله وحده ، لا خالق لشيء إلّا هو ، [وخلق الله لإبليس الذي هو الشرّ كلّه ، يدلّ على خلق الله لجميع الأشياء كلها ، وقد قال تعالى ذكره : (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ)(٣)]. ويجوز أن تكون (ما) استفهاما في موضع نصب ب (تَعْمَلُونَ) على التحقير لعملهم ، والتصغير له.
١٨٦٢ ـ وقوله تعالى : (فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) ـ ١٠٣ ـ جواب «لمّا» محذوف تقديره : فلمّا أسلما رحما أو سعدا ، ونحوه. وقال بعض الكوفيين : الجواب (تَلَّهُ) والواو زائدة (٤). وقال الكسائي : جواب لما (نادَيْناهُ) ، والواو زائدة.
١٨٦٣ ـ قوله تعالى : (فَانْظُرْ ما ذا تَرى) ـ ١٠٢ ـ من فتح (٥) التاء من (تَرى) فهو من الرأي ، وليس من نظر العين ؛ لأنّه لم يأمره برؤية شيء ؛ إنما أمره أن يدبّر رأيه فيما أمر به [فيه]. ولا يحسن أن يكون (تَرى) من
__________________
(١) زيادة من(ح ، ظ ، ك ، ق).
(٢) في سائر النسخ : «واللّه خلقكم وعملكم».
(٣) سورة فاطر : الآية ٣.
(٤) معاني القرآن ٣٩٠/٢.
(٥) قرأ حمزة والكسائي وخلف بضم التاء وكسر الراء من «ترى» ، وقرأ الباقون بفتحهما. التيسير ص ١٨٦ ـ ١٨٧ ؛ والنشر ٣٤٢/٢ ؛ والإتحاف ص ٣٦٩ ـ ٣٧٠.