العلم ؛ لأنّه يحتاج أن يتعدّى إلى مفعولين ، وليس في الكلام غير واحد وهو (ما ذا) ، فجعلهما اسما واحدا في موضع نصب بقوله : (تَرى). وإن شئت جعلت (ما) استفهاما مبتدأة ، و (ذا) بمعنى الذي خبر الابتداء ، وتوقع (تَرى) على هاء محذوفة تعود على الذي [وتحذفها من الصلة]. ولا يحسن أن تعمل (تَرى) في (ذا) ، وهي بمعنى الذي ؛ لأنّ الصلة لا تعمل في الموصول.
ومن قرأ بضم التاء وكسر الراء فهو أيضا من الرأي ، إلا أنه منقول بالهمزة إلى الرباعي ، فحقّه أن يتعدّى إلى مفعولين بمنزلة «أعطى» ، ولكن لك أن تقتصر على أحدهما بمنزلة «أعطى» ، [فتقول : أعطيتك ، ولا تذكر العطية](١) ، فتقديره : ما ذا ترى ، أي ما ذا ترينا ، فالضمير في «ترينا» المفعول الأول ، و (ما ذا) الثاني ، فحذفت الأول اختصارا واقتصارا على الثاني ، مثل : أعطيت ؛ تقول : أعطيت درهما ، ولا تذكر المعطى. ولو كان من رؤية البصر لوجب أن يتعدّى إلى مفعولين لا يقتصر على أحدهما كظننت وشبهها ، وليس في الكلام غير واحد. ولا يجوز إضمار الثاني (٢) ، كما جاز فيه من الرأي ؛ لأنّ الرأي ليس فعله من الأفعال التي تدخل على الابتداء والخبر ، ك «رأيت» من رؤية البصر ، إذا نقلته إلى الرباعي. ولو كان من العلم لوجب أن يتعدى إلى ثلاثة مفعولين ؛ فلا بدّ أن يكون من الرأي ، والمعنى : فانظر ما ذا تحملنا (٣) عليه من الرأي ، وهل نصبر أم (٤) نجزع يا بني. يقال : أريته الشيء ، إذا جعلته يعتقده. و (ما) و (ذا) على ما تقدم من تفسيرهما (٥).
__________________
(١) زيادة في الأصل.
(٢) في الأصل : «الهاء».
(٣) في الأصل : «تجعلنا».
(٤) في الأصل : «أو».
(٥) الكشف ٢٥٥/٢ وما بعده ؛ والبيان ٣٠٧/٢ ؛ والعكبري ١١١/٢ ؛ وتفسير القرطبي ١٠٣/١٥.