خامسها : أن يكون حالها حال أسامي المقادير والأوزان ، مثل المثقال ، والحقة ، والوزنة إلى غير ذلك ، مما لا شبهة في كونها حقيقة في الزائد والناقص في الجملة [١] ، فإن الواضع وإن لاحظ مقدارا خاصا ، إلّا أنه لم يضع له بخصوصه ، بل للأعم منه ومن الزائد والناقص ، أو أنه وإن خص به أولا ، إلا أنه بالاستعمال كثيرا فيهما بعناية أنهما منه ، قد صار حقيقة في الأعم ثانيا.
وفيه : إن الصحيح ـ كما عرفت في الوجه السابق ـ يختلف زيادة ونقيصة ، فلا يكون هناك ما يلحظ الزائد والناقص بالقياس عليه ، كي يوضع اللفظ لما هو الأعم ، فتدبر جيدا.
______________________________________________________
[١] والفرق بين هذا الوجه والوجه الرابع المتقدّم هو أنّ اللفظ على هذا الوجه ، يكون في النتيجة حقيقة في الجامع ؛ وذلك لأن اللفظ الموضوع للمقدار والوزن وإن لوحظ عند وضعه مقدارا خاصّا معيّنا ، ووضع بإزائه إلّا أنّ مع استعماله في الزائد وفي الناقص عنه ـ ولو بدعوى أنّهما ذلك المقدار ـ صار اللفظ المزبور حقيقة في الأعمّ من ذلك المقدار ، بحيث يشمل معناه الزائد والناقص في الجملة.
وقد أشرنا في الوجه السابق ، أنّه يمكن إرجاعه إلى هذا الوجه ، ولعل الماتن قدسسره قد فهم ذلك ، حيث لم يورد على الوجه السابق بأنّه يوجب كون اللفظ من متكثّر المعنى ، بل أورد عليه بأنّ اختلاف الصحيح وتعدّده بحسب الحالات ، يمنع الالتزام فيه بما يلتزم في أسامي المعاجين ، كما أنّه أورد بذلك أيضا على هذا الوجه ، وقال : إنّ تعدّد الصحيح في العبادة واختلافهما بحسب الحالات يمنع عن الالتزام فيها بما يلتزم في أسامي المقادير والأوزان ، ولكنّ العجب هو ما ذكر في أسامي المقادير والأوزان ، والتزم به الماتن قدسسره أيضا ، فإنّه لو كانت هناك ألفاظ ذات معان محدودة في ناحية قلّتها وكثرتها وسعتها وضيقها فأوّلها أسامي المقادير والأوزان ، فكيف يمكن