المشترك في القرآن ليس بمحال كما توهم ، لأجل لزوم التطويل بلا طائل ، مع الاتكال على القرائن والإجمال في المقال ، لو لا الاتكال عليها. وكلاهما غير لائق بكلامه (تعالى جلّ شأنه) ، كما لا يخفى ، وذلك لعدم لزوم التطويل ، فيما كان الاتكال على حال أو مقال أتي به لغرض آخر ، ومنع كون الاجمال غير لائق بكلامه تعالى ، مع كونه مما يتعلق به الغرض ، وإلا لما وقع المشتبه في كلامه ، وقد أخبر في كتابه الكريم ، بوقوعه فيه قال الله تعالى (مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ.)
______________________________________________________
الانتقال إلى مجموع المعنيين فهو خلاف المفروض في الاشتراك ، وكذا إن كان موجبا للانتقال إلى أحد المعنيين أو المعاني بلا تعيين ، بأن يكون الموضوع له هو الجامع الاعتباريّ فهو خلاف المفروض أيضا ، وإن كان يوجب الانتقال إلى كلّ من المعنيين أو المعاني بخصوصه ، بانتقال مستقل ، فهذا لا يمكن من غير ترتّب. فلا محالة يكون أحد الانتقالين في طول الآخر.
وفيه أنّ : الوضع ليس عبارة عن جعل الملازمة بين اللفظ والمعنى ؛ لأنّ الملازمة بين سماع اللفظ والانتقال إلى المعنى تحصل بسبب العلم بالوضع ، فلا بدّ أن يكون الوضع غير الملازمة الحاصلة من العلم به ، هذا أوّلا.
وثانيا : مع الغضّ عن ذلك ، فلا ينحصر الأمر فيما ذكره من الشقوق ، فإنّه يمكن أن يكون جعل الملازمة في موارد ذكر القرينة المعيّنة لأحد المعاني ، فمثلا إذا لم يكن لفظ القرء موضوعا للحيض لم ينتقل الذهن إليه من سماع لفظ القرء ولو مع ذكر «ثلاثة أيام» ، بخلاف ما إذا كان ذكرها بعد وضعه له فيحصل الانتقال بها ، وهذا المقدار يكفي في حصول الغرض من الوضع وخروجه عن اللغوية ، كما هو ظاهر ، وما ذكره من عدم إمكان تعدّد الانتقال المستقلّ من لفظ واحد يأتي ما فيه في البحث