الثالث : ملاك الحمل ـ كما أشرنا إليه ـ هو الهوهوية والاتحاد [١] من وجه ،
______________________________________________________
فإنّ التركيب في الثاني اعتباري فيكون كل من العرض والمعروض بالإضافة إلى الآخر بشرط لا ذاتا ، بخلاف الجنس والفصل ، كما تبيّن معنى اتحاد الجنس والمادة واتحاد الفصل والصورة ذاتا واختلافهما بالاعتبار ، حيث إنّ مبدأ الجنس الطبيعي إذا لوحظ بما له من الوجود الساري يكون مادة ولم يحمل على الفصل ، وإذا لوحظ اتّحادهما في الوجود الساري يكون جنسا ويصح الحمل عليه. انتهى ما أردنا إيراده من كلامه قدسسره في المقام (١).
أقول : ظاهر كلامه اتّحاد الجنس مع المادة ذاتا ، وكذا اتّحاد الفصل مع الصورة ، وإنّما يكون الاختلاف بينهما بالاعتبار ، فإنّه إذا لوحظ مبدأ الجنس الطبيعي بما له من الوجود الساري ، يكون مادّة لا يحمل عليه الفصل ، كما أنّه إذا لوحظ اتّحادهما في الوجود الساري صحّ الحمل وكان جنسا ، ولكن قد تقدّم أنّ كون شيء جنسا لطبيعيّ وشيء آخر فصلا له ، أمر يدركه العقل بالإضافة إلى الطبائع الأخر ، بخلاف كون شيء مادة له خارجا ، وشيء آخر صورة له ، فإنّه بملاحظة مراتب وجود الطبيعي ، فكلّ منهما غير الآخر ذاتا ، ولكن مع ذلك ظاهر كلام أهل المعقول في المشتق ، وكذا في التفرقة بين الجنس والمادة ، والفصل والصورة ، هو عدم الاختلاف الذاتي ، وكلام بعضهم كالصريح في أنّ الجنس هو المادة عينا والاختلاف بالاعتبار ، كما تقدّم في كلام المحقّق الأصفهاني قدسسره.
[١] ذكر صاحب الفصول قدسسره أنّ مصحّح الحمل إما اتّحاد الموضوع والمحمول حقيقة وتغايرهما اعتبارا ، كما في (الإنسان حيوان ناطق) ، وإمّا تغايرهما حقيقة
__________________
(١) نهاية الدراية : ١ / ٢٢٨.