وكيف كان ، فالأمر سهل لو ثبت النقل ، ولا مشاحة في الاصطلاح ، وإنما المهم بيان ما هو معناه عرفا ولغة ، ليحمل عليه فيما إذا ورد بلا قرينة ، وقد استعمل في غير واحد من المعاني في الكتاب والسنّة [١] ، ولا حجة على أنّه على نحو الاشتراك اللفظي أو المعنوي أو الحقيقة والمجاز.
وما ذكر في الترجيح ، عند تعارض هذه الأحوال ، لو سلم ، ولم يعارض بمثله ،
______________________________________________________
معنى حدثي ليكون إظهار فعليّته على نحو التحقّق ماضيا وعلى نحو الترقّب مضارعا إلى غير ذلك ، وليس وجه عدم الاشتقاق من معنى الجوهر كونه جوهرا وعدم قيامه بالغير خارجا ، بل الوجه عدم تضمّنه المعنى الحدثي.
والحاصل أنّ القول المخصوص بمعناه المصدري (أي التلفّظ به) قابل للاشتقاق منه ولكن مادة (أ ـ م ـ ر) لم توضع له ، ولا يقال لمن تلفّظ بمادة الأمر أو بصيغة الطلب بدون قصد إنشاء الطلب : إنّه قد أمر ، بل الأمر من مقولة المعنى (أي المعنى الانشائي) على نسق ما ذكر في البيع والوكالة والوضع وغيرها من الإنشائيات.
وعليه ، فاللازم في صدق الأمر من فرض الطلب وإنشائه بصيغة (افعل) أو غيرها من فعل أو قول ليقال على المنشأ بلحاظ إنشائه أمرا ، وأمّا القول المخصوص (أي ما هو ملفوظ) مع قطع النظر عن الإنشاء به ، فغير قابل للاشتقاق.
[١] لا أرى وجها تامّا لهذا الكلام بعد اختياره قدسسره أنّ لفظ الأمر حقيقة في الطلب في الجملة والشّيء ، فإنّه مع فرض كونه حقيقة فيهما على نحو الاشتراك اللفظي ، لم يكن مورد لقوله إنّ لفظ الأمر قد استعمل في الكتاب والسنّة في معان ، ولا حجّة على كونه من الاشتراك لفظا أو معنى ، أو أنّه بالحقيقة والمجاز ، كما لا وجه لما ذكر في آخر كلامه من ظهوره في المعنى الأوّل (أي الطلب) ، للانسباق من الإطلاق ، فإنّ مفهوم الشيء مع مفهوم الطلب لا يشتبه ، وليس استعماله في أحدهما كثيرا وفي