(ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ.)
وتقسيمه إلى الإيجاب والاستحباب ، إنّما يكون قرينة على إرادة المعنى الأعم منه في مقام تقسيمه ، وصحة الاستعمال في معنى أعمّ من كونه على نحو الحقيقة ، كما لا يخفى ، وأمّا ما أفيد من أن الاستعمال فيهما ثابت ، فلو لم يكن
______________________________________________________
الفعل والمنع عن تركه ، والاستحباب طلب الفعل مع الترخيص في تركه كما عليه القدماء ، بل الفرق بينهما في إطلاق الطلب ، فإنّه لا يكون في موارد الوجوب ترخيص في ترك الفعل ، بخلاف موارد الندب فإنّ الطلب فيها موصوف بثبوت الترخيص في الترك ، ولذا يكون مجرد الطلب مع عدم الترخيص كافيا في استقلال العقل بلزوم اتّباعه ولا يحتاج إلى إحراز المنع عن تركه.
وممّا ذكرنا يظهر أنّ ما يذكر في امتياز الوجوب عن الندب بكون مصلحة الفعل في الأوّل تامّة وفي الثاني ناقصة لا يمكن المساعدة عليه ، فإنّ المائز بين الطلب الوجوبي والندبي هو ما ذكرناه ، حتّى بناء على إنكار المصالح والمفاسد في المتعلقات ، نعم المصلحة غير الملزمة توجب الترخيص في الترك بخلاف الملزمة.
ولا يخفى أنّ الطلب لو كان مستفادا من مادة الأمر ، فجميع مشتقاتها تدلّ على الطلب بلا فرق بينها ، دون ما إذا كان مستفادا من صيغة الأمر فحسب ، حيث إنّ الهيئة تكون دالّة على الطلب ، والمادة تدلّ على متعلق النسبة الطلبية.
وعن المحقّق النائيني قدسسره أنّ كلّا من الوجوب والندب من حكم العقل وليسا من المداليل اللفظية ، فإنّ العقل يرى بمقتضى العبودية والرقّية لزوم الخروج عن عهدة ما أمر به المولى ، ولا معنى للوجوب إلّا إدراك العقل لا بدّية الخروج عن عهدة الفعل ، وذكر أيضا أنّ المنشأ بمادة الأمر أو بصيغته كون المادة في عالم التشريع على