وبالجملة : لا يكاد يكون غير الصفات المعروفة والإرادة هناك صفة أخرى قائمة بها يكون هو الطلب ، فلا محيص عن اتحاد الإرادة والطلب ، وأن يكون ذلك الشوق المؤكد المستتبع لتحريك العضلات في إرادة فعله بالمباشرة ، أو المستتبع لأمر عبيده به فيما لو أراده لا كذلك ، مسمّى بالطلب والإرادة كما يعبر به تارة وبها أخرى ، كما لا يخفى.
وكذا الحال في سائر الصيغ الانشائية ، والجمل الخبرية ، فإنّه لا يكون غير الصفات المعروفة القائمة بالنفس ، من الترجي والتمني والعلم إلى غير ذلك ، صفة أخرى كانت قائمة بالنفس ، وقد دلّ اللفظ عليها ، كما قيل :
إنّ الكلام لفي الفؤاد وإنّما |
|
جعل اللسان على الفؤاد دليلا |
وقد انقدح بما حققناه ، ما في استدلال الأشاعرة على المغايرة بالأمر مع عدم الإرادة ، كما في صورتي الاختبار والاعتذار من الخلل ، فإنّه كما لا إرادة حقيقة في الصورتين ، لا طلب كذلك فيهما ، والذي يكون فيهما إنّما هو الطلب الإنشائي الإيقاعي ، الذي هو مدلول الصيغة أو المادة ، ولم يكن بيّنا ولا مبيّنا في الاستدلال مغايرته مع الإرادة الإنشائية.
______________________________________________________
موارد إنشاء الترجّي والتمنّي مثلا لا يكون في النفس غير الترجّي وغير التمنّي وفي مورد الإخبار غير العلم بثبوت النسبة أو لا ثبوتها ، صفات أخرى تكون تلك الصفات حقيقة التمنّي والترجي وحقيقة الإخبار ، كما التزم به الأشعري وسمّاها بالكلام النفسي ، وزعم أنّ الكلام اللفظي دالّ عليه ، كما يشير إليه ما قيل :
«إنّ الكلام لفي الفؤاد وإنّما |
|
جعل اللسان على الفؤاد دليلا» |
وعمدة ما استدلّ به الأشاعرة على مغايرة الطلب مع الإرادة هو أمر المولى عبده بفعل لا يريده منه ، كما في موارد الاختبار والاعتذار ـ والمراد بالاعتذار أن