.................................................................................................
______________________________________________________
الأقوام والطوائف في ارتباط لفظ بمعنى ، فيرى قوم ارتباط لفظ بمعنى ، ويرى آخرون ارتباطه بمعنى آخر (١).
أقول : ما ذكره قدسسره ـ من كون الوضع بنفسه أمرا اعتباريا لا يندرج تحت مقولة ـ صحيح ، والشاهد على ذلك إمكان إلغائه ، ولو كان أمرا حقيقيا لما كان يقبل الإلغاء ، إلّا أنّ ما ذكره قدسسره من كونه أمرا اعتباريا مسانخا للوضع الخارجي ـ كما ذكره ـ مما لا يمكن المساعدة عليه ؛ إذ اللّفظ وإن كان يتّصف بأنّه موضوع ، والمعنى لا يصحّ اتّصافه بالموضوع عليه ، وإنّما يتّصف بالموضوع له ، ولو كان وضع اللفظ أمرا اعتباريا من سنخ الوضع الخارجي لصحّ اتّصاف اللفظ بالموضوع عليه.
كما أنّ ما ذكره قدسسره من أنّ الارتباط والاختصاص لازم الوضع لا يمكن المساعدة عليه أيضا ؛ وذلك لأنّ هذا الارتباط والاختصاص إنّما هو أنس الذهن بالمعنى من اللفظ ، بحيث ينسبق المعنى إلى الذهن عند سماع اللفظ ، وهذا الأنس يحصل من العلم بالوضع أو تكرار الاستعمال ، لا من مجرّد الوضع وإن أريد من الارتباط والاختصاص معنى آخر ، فلا نعرفه.
وعن المحقق الايرواني قدسسره أنّ حقيقة الوضع في الألفاظ عبارة عن تنزيل اللفظ منزلة المعنى وجعله عينه ادّعاء ، وهذه العينيّة الادعائيّة يصحّحها ترتّب غرض التفهيم والتفهم عليها ، وهذا الغرض المهمّ كاف في تصحيح الادّعاء فإنّه باب واسع. وذكر قبل ذلك أنّ دلالة الألفاظ على المعاني ذاتية ، ولا يحتاج في أصل دلالتها إلى الوضع ، وإنّما يحتاج إلى الوضع في تعيين المعنى وتمييز المراد من
__________________
(١) نهاية الدراية : ١ / ٤٤.