.................................................................................................
______________________________________________________
المعاني من غير المراد منها ، ويشهد لذلك صحّة استعمال اللفظ وحصول دلالته على نوعه أو مثله حتّى لو كان اللفظ مهملا غير موضوع لمعنى (١).
أقول : لم يظهر وجه الاستشهاد ، فإنّه عند إرادة النوع أو المثل لا بدّ من وجود قرينة يكون اللّفظ بها دالّا على إرادة نوعه أو مثله ، وإن كانت تلك القرينة المحمول المذكور في الكلام ، كما في قوله : (ضرب فعل ماض).
هذا مع الإغماض عمّا يأتي من عدم كون إرادة مثل اللّفظ أو نوعه أو شخصه من استعمال اللفظ في المعنى.
وأمّا ما ذكره قدسسره من كون حقيقة الوضع هو الادّعاء ، بأنّ هذا اللفظ عين ذلك المعنى ، فيكذّبه الوجدان عند ملاحظة الوضع في الأعلام الشخصية ، فإنّ حقيقته لا تختلف عن الوضع في سائر الألفاظ ، مع أنّه لا تنزيل ولا ادّعاء في وضعها قطعا ، فإنّ قول الوالد : (سميت ولدي محمّدا) ليس مفاده جعلته عين لفظ «محمّد» أو أنّ صورته عين ذلك اللّفظ ، ويوضّح ذلك كمال الوضوح ، ملاحظة أسماء ذات الحق «جلّ وعلا».
وأمّا دعوى (٢) كون أصل الدلالة في الألفاظ ذاتية ، بتقريب أنّه لو سمع شخص كلاما وكان جاهلا بوضع ألفاظه ، علم أنّ المتكلّم أراد معنى ما ، فيردّها أنّ علم السامع بذلك ليس ناشئا من دلالة الألفاظ ذاتا ، بل من ظهور حال المتكلم العاقل بأنّه لا يفعل شيئا بلا غرض ، والغرض من الكلام عادة إرادة المعاني.
__________________
(١) نهاية النهاية : ١ / ٧.
(٢) الدعوى منسوبة إلى عبّاد بن سليمان الصميري ، قوانين الأصول : ١ / ١٩٤ ؛ والمحصول : ١ / ٥٧.