.................................................................................................
______________________________________________________
وليس المراد أنّ العلّية بين المعلولات وعللها باطلة وإنّما جرت عادة الله (سبحانه) أن يخلق بعض الأشياء بعد خلق بعضها الآخر كما يقول به القائل بالجبر تحفّظا على التوحيد.
بل المراد أنّ بقاء الشيء المستند إلى علّته المبقية ـ ليصير علّة لوجود شيء آخر إنّما ينشأ من عدم تعلّق إرادة الله بإفنائه كما أنّ حصول شيء من شيء آخر موقوف على تعلّق إرادة الله بحصوله منه ، وإلّا فإن تعلّقت إرادته (جلّت قدرته) بأن لا يوجد فلا يوجد ، إمّا بإرادة زوال العلّة أو بخلق المزاحم للتأثير والعلّية (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً)(١).
وقد تقدّم أنّ مشيّته (جلّت عظمته) قد تعلّقت بكون الإنسان قادرا متمكّنا من الأفعال ، ومنها الأفعال التي تعلّق بها طلبه وإرادته بمعني الإيجاب والندب ، وما تعلّق به زجره ومنعه ، كي يتميّز المطيع من العاصي ، والكافر من المؤمن ، والصالح من الطالح ، (وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ)(٢) ، (وَاللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)(٣) ، (وَلَوْ شاءَ اللهُ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ)(٤) ، (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً)(٥) ، (وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها)(٦).
__________________
(١) سورة النساء : الآية ١٢٦.
(٢) سورة البروج : الآية ٢٠.
(٣) سورة الأنفال : الآية ٤٧.
(٤) سورة الأنعام : الآية ١٣٧.
(٥) سورة يونس : الآية ٩٩.
(٦) سورة السجدة : الآية ١٣.