لا يقال : كيف؟ ويلزم الكذب كثيرا ، لكثرة عدم وقوع المطلوب كذلك في الخارج ، تعالى الله وأولياؤه عن ذلك علوا كبيرا.
فإنّه يقال : إنّما يلزم الكذب ، إذا أتى بها بداعي الإخبار والإعلام ، لا لداعي البعث ، كيف؟ وإلّا يلزم الكذب في غالب الكنايات ، فمثل (زيد كثير الرماد) أو (مهزول الفصيل) لا يكون كذبا ، إذا قيل كناية عن جوده ، ولو لم يكن له رماد أو فصيل أصلا ، وإنما يكون كذبا إذا لم يكن بجواد ، فيكون الطلب بالخبر في مقام التأكيد أبلغ ، فإنّه مقال بمقتضى الحال.
هذا مع أنّه إذا أتى بها في مقام البيان ، فمقدمات الحكمة [١] مقتضية لحملها على الوجوب ، فإن تلك النكتة إن لم تكن موجبة لظهورها فيه ، فلا أقل من كونها موجبة لتعينه من بين محتملات ما هو بصدده ، فإنّ شدة مناسبة الإخبار بالوقوع مع الوجوب ، موجبة لتعيّن إرادته إذا كان بصدد البيان ، مع عدم نصب قرينة خاصة على غيره ، فافهم.
______________________________________________________
المستعمل حكى وقوع الشيء خارجا في مقام طلبه لإظهار أنّه لا يرضى بعدم وقوعه ، فالجمل الخبريّة تستعمل في قصد الحكاية عن ثبوت الشيء أو لا ثبوت ، ولكن بداعي الطلب ، وهذا نظير ما تقدّم في الصيغ الإنشائيّة من أنّها تستعمل دائما في معانيها الإنشائيّة ، ولكن بدواع مختلفة.
[١] يعني لو نوقش فيما ذكره من أنّ الإخبار بوقوع شيء مستقبلا بداعي البعث والطلب يدلّ على شدّة الطلب وعدم الرضا إلّا بوقوع الفعل فلا ينبغي التأمّل في أنّه لو كان الطالب في مقام البيان وأخبر بوقوع الفعل مستقبلا بداعي الطلب يكون الطلب بالإخبار المزبور متعيّنا في الوجوب بمقتضى مقدّمات الحكمة ؛ لأنّ شدّة مناسبة الإخبار بوقوع الفعل مع الطلب الوجوبي موجبة لتعيّن إرادته إذا كان الطالب