الواجبات والمستحبات ، غاية الأمر يدور مدار الامتثال وجودا وعدما فيها المثوبات والعقوبات ، بخلاف ما عداها ، فيدور فيه خصوص المثوبات ، وأمّا العقوبة فمترتبة على ترك الطاعة ومطلق الموافقة ـ أنّ الأمر الأوّل إن كان
______________________________________________________
وثانيا : إذا فرض كون الأمر الأوّل المتعلّق بنفس العمل مولويا ، كما هو الفرض ، فإن كان يسقط بمجرّد الإتيان بذات العمل ولو لم يقصد به الامتثال الذي يقتضيه الأمر الثاني ، فلا يبقى مجال لموافقة الأمر الثاني ؛ لانتفاء موضوعه فلم يصل المولى إلى غرضه بجعل تكليفين ، وإن لم يسقط التكليف الأوّل بالإتيان بنفس المتعلّق ، فلا بدّ من أن يكون عدم سقوطه لعدم حصول غرضه من أمره ، ولو سقط التكليف بلا حصول غرضه لم يكن الغرض موجبا لحدوثه ، ومع عدم سقوطه لعدم حصول غرضه ، لا حاجة إلى التكليف الثاني ، لاستقلال العقل بلزوم الإتيان بالمتعلّق على نحو يحصل غرض المولى والآمر ، فلا يكون في التكليف المولوي الثاني ملاك.
والحاصل : إنّ تعلّق أمر بفعل وتعلّق أمر آخر باستناد ذلك الفعل إلى داعوية الأمر الأوّل ـ فيما إذا كانا من قبيل الأمرين النفسيين ـ يوجب أحد المحذورين : إمّا سقوط الأمرين معا بالإتيان بذات الفعل ؛ لسقوط أحدهما بهذا الإتيان ، والثاني لارتفاع موضوعه ، وإمّا أن لا يكون للأمر الثاني ملاك المولوية ، كما إذا لم يسقط الأمر الأوّل بالإتيان بذات الفعل.
أقول : يمكن افتراض أمر واحد يكون لمتعلّقه جزءان ، أحدهما ذات الفعل ، والآخر استناد ذلك الفعل إلى داعوية أمره الضمني بأن يكون أحد الضمنيين متعلّقا بذات الفعل ، والضمني الآخر متعلّقا بداعوية الضمني الأوّل إلى متعلّقه ، ولا يلزم من ذلك محذور ؛ لأنّ داعوية الأمر الضمني بذات الفعل ، بداعوية الضمني الآخر الذي دعى إلى متعلّقه ، وهو استناد الفعل إلى الأمر الضمنى به.