.................................................................................................
______________________________________________________
الوجوب التعييني والتخييري فإنّ التخييري هو الوجوب المشوب بجواز ترك الفعل إلى بدل ، والتعييني هو الوجوب الذي لا يكون كذلك ، لا الوجوب المقترن بجواز الترك وعدمه.
ثمّ قال : وتوهّم أنّ الحكمة لا تقتضي كون الوجوب تعيينيا لا تخييريّا ، حيث لا يلزم من عدم بيان فرد آخر من الوجوب نقض الغرض فاسد ، فإنّ الغرض بيان نحو وجوب الفعل وكيفية وجوبه وعدم ذكر القيد يكون نقضا لهذا الغرض ، وليس المراد من الغرض ، الغرض الباعث إلى التكليف ، مع أنّه يلزم نقض هذا الغرض أيضا فيما إذا تعذّر ما اكتفى ببيان التكليف به (١).
وذكر بعض الأعاظم أنّ الأمر بالشيء يحمل على كون وجوبه نفسيا تعيينيا عينيّا ، إلّا أنّ هذا الحمل لمجرد بناء العقلاء واستمرار سيرتهم على ذلك من غير أن يدخل في الدلالة اللفظية ـ وضعيّة كانت أو انصرافية أو كشف العقلاء عن الإطلاق ـ فإنّ أمر المولى وبعثه بفعل تمام الموضوع لاحتجاجه على العبد ولا يجوز له التقاعد عن موافقة مطلق بعثه ، سواء كان باحتمال إرادة الندب أو العدول إلى الفعل الآخر باحتمال التخيير أو الترك مع إتيان شخص آخر بالفعل ، لاحتمال الكفائية أو عدم الإتيان به عند عدم التكليف بالفعل الآخر ، لاحتمال الغيرية ، فإنّ على ذلك سيرتهم وبنائهم وإن لم يتبيّن لنا وجه هذا البناء ، وليس لأمر راجع على دلالة اللفظ ؛ ولذا يجري في الموارد التي يكون فيها البعث بنحو الإشارة أيضا (٢).
__________________
(١) نهاية الدراية : ١ / ٣٥٣.
(٢) تهذيب الأصول : ١ / ١٢٧.