يدل إلّا على الماهية ـ على ما حكاه السكاكي ـ لا يوجب كون النزاع هاهنا في الهيئة ـ كما في الفصول ـ فإنه غفلة وذهول عن كون المصدر كذلك ، لا يوجب الاتفاق على أن مادة الصيغة لا تدلّ إلّا على الماهية ، ضرورة أن المصدر ليست مادة لسائر المشتقات ، بل هو صيغة مثلها ، كيف؟ وقد عرفت في باب المشتق
______________________________________________________
العربية ـ كما ذكر السكاكي ـ على أنّ المصدر المجرد عن اللام والتنوين لا يدلّ إلّا على نفس الطبيعي (١).
وأجاب عنه الماتن قدسسره وقال : هذا الكلام غفلة عن أنّ كون المصدر المجرد عنهما كذلك لا يوجب الاتفاق على أنّ الصيغة بمادتها لا تدلّ على خصوصية المرة أو التكرار ؛ لأنّ المصدر المجرد لا يكون مادة لسائر المشتقات ومنها صيغة الأمر ، بل المصدر صيغة كسائر صيغ المشتقات له هيئة ومادّة ، وقد تقدّم في باب المشتق مباينة المصدر مع سائر المشتقات في المعنى ، فكيف يكون المصدر بمعناه المصدري مادة لها؟ وعليه فيمكن دعوى اعتبار المرة أو التكرار في مادة صيغة الأمر ولا اتّفاق على عدمه.
لا يقال : إذا لم يكن المصدر مادّة لسائر المشتقات ، فما معنى ما اشتهر في الألسن من كون المصدر أصلا في الكلام ، والمراد بالكلام المشتق ، فإنّ إطلاق الكلام على المشتق اصطلاح الصرفيين.
فإنه يقال : المراد بكون المصدر أصلا في المشتقات مع أنّه محلّ خلاف بين علماء الأدب ، هو أنّ المصدر سابق على سائر المشتقات في الوضع ، وأنّ سائر المشتقات وضعت بتبع وضع المصدر.
__________________
(١) الفصول الغروية : ٥٨.