مباينة المصدر وسائر المشتقات بحسب المعنى ، فكيف بمعناه يكون مادة لها؟ فعليه يمكن دعوى اعتبار المرة أو التكرار في مادتها ، كما لا يخفى.
إن قلت : فما معنى ما اشتهر من كون المصدر أصلا في الكلام.
قلت : مع أنّه محلّ الخلاف ، معناه أن الذي وضع أولا بالوضع الشخصي ، ثم بملاحظته وضع نوعيّا أو شخصيّا سائر الصيغ التي تناسبه ، ممّا جمعه معه مادة لفظ متصورة في كل منها ومنه ، بصورة ومعنى كذلك ، هو المصدر أو الفعل ، فافهم.
ثمّ المراد بالمرة والتكرار ، هل هو الدفعة والدفعات؟ أو الفرد والأفراد؟
______________________________________________________
وبيان ذلك : أنّ من يلاحظ ألفاظا مختلفة الهيئة متحدة المادة ك (ضرب وضرب ويضرب وضارب ومضروب واضرب) يرى أنّها تشترك في أمرين ؛ أحدهما : ملفوظ يتلفظ به ويعبّر عنه ب (ض ر ب). وثانيها : معنى ذلك الملفوظ وكأنّ هيئات تلك الألفاظ صور للأمر الأوّل ، ومعاني الهيئات صور للأمر الثاني ، فيكون (ض ر ب) مادة لفظية لتلك الهيئات ، ومعناه مادة لمعاني تلك الهيئات ، وحيث أنّ المادة اللفظية غير قابلة للحاظ إلّا في ضمن هيئة ، فالهيئة التي لاحظ الواضع المادة في ضمنها أوّلا كانت هي هيئة المصدر أو الفعل ، وبعد وضع المصدر أو الفعل وضع سائر المشتقات التي تشترك مع المصدر في الأمرين المتقدّمين بأن وضع موادها شخصا ، وهيئتها نوعا ، فالوضع في ناحية المصدر شخصي في هيئته ومادته ، وفي غيره نوعي بالإضافة إلى الهيئات ، وشخصي بالإضافة إلى موادّها.
وقد ذكر بعض الأعاظم قدسسره أنّ مناقشة صاحب الكفاية ضعيفة ؛ وذلك لأنّ المصدر وإن لم يكن مبدأ لسائر المشتقات ، إلّا أنّ عدم التفاوت بين مبدأ المصدر ومبدأ سائر المشتقات في المعنى قطعي ، وعليه فالعلم بخروج المرة أو التكرار عن معنى المصدر مساو للعلم بخروجهما عن مدلول مادة سائر المشتقات ، فينحصر