والتحقيق : أن يقعا بكلا المعنيين محل النزاع ، وإن كان لفظهما ظاهرا في المعنى الأوّل ، وتوهم أنّه لو أريد بالمرة الفرد ، لكان الأنسب [١] ، بل اللازم أن يجعل هذا المبحث تتمة للمبحث الآتي ، من أن الأمر هل يتعلق بالطبيعة أو بالفرد؟ فيقال عند ذلك وعلى تقدير تعلقه بالفرد ، هل يقتضي التعلّق بالفرد الواحد أو المتعدد؟ أو لا يقتضي شيئا منهما؟ ولم يحتج إلى افراد كل منهما بالبحث كما
______________________________________________________
الخلاف في صيغة (افعل) من ناحية هيئتها فقط ، كما ذكر في الفصول.
أقول : العلم بخروج المرة والتكرار عن مدلول المصدر لا يكون موجبا للعلم بخروجهما عن مادة سائر المشتقات ، فإنّه من المحتمل أن يكون مادة جميع المشتقات حتّى المصدر موضوعة للطبيعي المقيد بأحدهما ، وتكون هيئة المصدر موضوعة لإلغاء الخصوصية من المادة وإشراب المعنى الحدثي لها مع كون الوضع في ناحية هيئة المصدر أيضا شخصيا ؛ ولذا يكون سماعيا بحسب المواد ، وإذا أمكن ذلك يكون تخصيص الخلاف في صيغة الأمر بمدلول الهيئة دون المادة بلا وجه.
[١] ذكر في الفصول أنّ المراد بالمرّة الدفعة ، وبالتكرار الدفعات ، لا الفرد والأفراد ، فإنّه لو كان المراد منها الفرد أو الأفراد لكان الأنسب ، بل المتعيّن جعل هذا البحث تتمة للبحث الآتي وهو تعلّق الأمر بالطبائع أو الأفراد ، فيقال : على القول بتعلّقه بالفرد ، هل المتعلّق فرد واحد أو المتعدّد أو لا دلالة في الأمر بشيء على أحدهما ، وأمّا على القول بتعلّق الأمر بالطبيعي فلا معنى لهذا البحث ، فإنّ مقتضى تعلّقه بالطبيعي عدم تعلّقه بالفرد أصلا فضلا عن أن يكون واحدا أو متعدّدا ، وهذا بخلاف ما إذا كان المراد منهما الدفعة والدفعات ، فإنّه بناء عليه يصحّ جعل الدلالة على المرة والتكرار أو عدم دلالتها عليهما بحثا مستقلّا.
وبما أنّ الأصحاب أفردوا هذا البحث عن البحث الآتي وجعلوا خلاف المرة