إذا أتى بماء أمر به مولاه ليشربه ، فلم يشربه بعد ، فإن الأمر بحقيقته وملاكه لم يسقط بعد ، ولذا لو أهريق الماء واطلع عليه العبد ، وجب عليه إتيانه ثانيا ، كما إذا لم يأت به أولا ، ضرورة بقاء طلبه ما لم يحصل غرضه الداعي إليه ، وإلّا لما أوجب حدوثه ، فحينئذ يكون له الإتيان بماء آخر موافق للأمر ، كما كان له قبل إتيانه الأول بدلا عنه.
______________________________________________________
الإتيان ثانيا امتثالا للطلب غير الإلزامي ، وتحصيلا لذلك الغرض غير الملزم ، ولا معنى لامتثال الأمر السابق الساقط.
نعم ، لو أهرق الماء في المثال واطّلع عليه العبد ، يجب الإتيان به ثانيا ، لكن لا بالأمر السابق الساقط ، بل للطلب الجديد الذي هو مثل السابق ، والعلم بأنّ المولى يريد منه الإتيان ثانيا كاف في لزوم ذلك عليه ، بحيث لو فرض غفلة المولى عن إراقته يكون علمه بأنّ لمولاه غرضا في حصول الماء عنده ، حجّة عليه.
وما ورد في إعادة الصلاة جماعة ، فهو أمر آخر استحبابي تعلّق بإعادتها ، كاستحباب إعادة صلاة الآيات ، لا أنّها امتثال للأمر الأوّل ، وما في بعضها من أنّه يجعلها فريضة ، فالمراد منها قصد القضاء لا قصد فريضة الوقت ، كما صرّحت بذلك موثّقة إسحاق بن عمّار ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : «تقام الصلاة وقد صلّيت ، فقال : صلّ واجعلها لما فات» (١). فلا يتعيّن أن يكون المراد من جعلها فريضة قصد الفريضة بالأصل وإن كانت مستحبّة بعنوان إعادتها ، كما هو المحتمل في صحيحة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «إذا صليت وأنت في المسجد ، وأقيمت الصلاة ، فإن شئت فاخرج ، وإن شئت فصلّ معهم واجعلها تسبيحا» (٢). وفي موثقة عمار ،
__________________
(١) الوسائل : ج ٥ ، الباب ٥٥ من أبواب صلاة الجماعة ، الحديث ١.
(٢) الوسائل : ٥ ، الباب ٥٤ من أبواب صلاة الجماعة ، الحديث ٨.