نعم فيما كان الاتيان علة تامة لحصول الغرض ، فلا يبقى موقع للتبديل ، كما إذا أمر بإهراق الماء في فمه لرفع عطشه فأهرقه ، بل لو لم يعلم أنّه من أيّ القبيل ، فله التبديل باحتمال أن لا يكون علّة ، فله إليه سبيل ، ويؤيد ذلك ـ بل يدلّ عليه ـ ما ورد من الروايات في باب إعادة من صلّى فرادى جماعة ، وأن الله تعالى يختار أحبّهما إليه.
______________________________________________________
قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يصلّي الفريضة ثمّ يجد قوما يصلّون جماعة ، أيجوز أن يعيد الصلاة معهم؟ قال : نعم ، وهو أفضل» الحديث (١).
وبالجملة ، إعادة الصلاة المأتي بها ثانيا كما في إعادة صلاة الآيات ما لم يحصل الانجلاء ، والصلاة التي صلّاها فرادى مع الجماعة ثانيا إنّما هو بأمر استحبابي آخر ، وكذا يجوز لمن صلّى في جماعة إماما أن يعيد تلك الصلاة إماما لقوم آخرين ، بأن يكون المأموم في إعادتها غير المأموم في المأتي به أوّلا ، كما يدلّ على ذلك الإطلاق في صحيحة ابن بزيع ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليهالسلام : «إنّي أحضر المساجد مع جيرتي وغيرهم ، فيأمرونني بالصلاة بهم ، وقد صلّيت قبل أن آتيهم ، وربّما صلّى خلفي من يقتدي بصلاتي والمستضعف والجاهل ، فأكره أن أتقدّم ، وقد صلّيت لحال من يصلّي بصلاتي ممّن سميّت ذلك ، فمرني في ذلك بأمرك أنتهي إليه وأعمل به إن شاء الله تعالى ، فكتب عليهالسلام : صلّ بهم» (٢).
كل ذلك بأمر آخر ، وليس امتثالا للأمر الأوّل.
نعم يمكن أن يكون المراد في بعض الروايات الإتيان بصورة الصلاة لا إعادتها
__________________
(١) الوسائل : ٥ ، الباب ٥٤ من أبواب صلاة الجماعة ، الحديث ٩.
(٢) الوسائل : ٥ ، الباب ٥٤ من أبواب صلاة الجماعة ، الحديث : ٥.