وضع الإسم ليراد منه معناه بما هو هو وفي نفسه ، والحرف ليراد منه معناه لا كذلك ، بل بما هو حالة لغيره ، كما مرّت الإشارة إليه غير مرّة ، فالاختلاف بين الاسم والحرف في الوضع ، يكون موجبا لعدم جواز استعمال أحدهما في موضع الآخر ، وإن اتّفقا فيما له الوضع ، وقد عرفت ـ بما لا مزيد عليه ـ أنّ نحو إرادة المعنى لا يكاد يمكن أن يكون من خصوصياته ومقوماته.
______________________________________________________
واختلافهما بحسب الوضع واختلاف شرط الوضع في كلّ منهما يوجب عدم صحّة استعمال أحدهما في موضع الآخر ، وليس المراد بالتقيد وشرط الوضع ما يرادف معنى الشرط في المعاملات ، أعني الالتزام بشيء في ضمن معاملة ، ليقال إنّ اتّباع شروط الوضع والعمل بها غير لازم ، كما لو فرضنا أنّ الواضع اشترط دفع درهم على من استعمل هذا اللفظ في هذا المعنى ، بل المراد بالشرط هو ما في لسان علماء الأدب من أنّ وضع الحرف لذلك المعنى معلّق على لحاظه آليا وفي الإسم على لحاظه استقلالا.
أقول : غاية ذلك عدم صحة استعمال الحرف في موضع الإسم حقيقة ؛ لكونه بغير الوضع ، وأمّا عدم صحته أصلا ولو بنحو المجاز ، فلا موجب له ، مع أنّ استعمال أحدهما موضع الآخر يعدّ غلطا ، وهذا كاشف عن اختلاف المعنى في الحرف والإسم ذاتا ، وأنّ معنى الأوّل غير الآخر ، لا أنّهما يختلفان باللّحاظ أو بتقيد الوضع مع اتحاد المعنى ، فيبقى الكلام في ذلك الاختلاف.
وعن المحقق الاصفهاني قدسسره أنّ الحرف موضوع للوجود الرابط الذي ذكره بعض الفلاسفة ، في مقابل وجود الجوهر والعرض (الذي يعبّر عنه بالوجود الرابطيّ). وحاصل ما ذكره قدسسره في المقام : أنّ الألفاظ الموضوعة للجواهر والأعراض ـ وهي الأسماء ـ تكون معانيها من قبيل الماهيّات ، سواء كانت متأصّلة (أي منتزعة