نعم فيما إذا أريد به فرد آخر مثله ، كان من قبيل استعمال اللفظ في المعنى ، اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ لفظ (ضرب) وإن كان فردا له ، إلّا أنّه إذا قصد به حكايته ، وجعل عنوانا له ومرآته ، كان لفظه المستعمل فيه ، وكان ـ حينئذ ـ كما إذا قصد به فرد مثله.
وبالجملة : فإذا أطلق وأريد به نوعه ، كما إذا أريد به فرد مثله ، كان من باب
______________________________________________________
هو المراد من قوله قدسسره فيما يأتي في بحث الحقيقة الشرعية : «وقد عرفت سابقا أنّه في الاستعمالات الشائعة في المحاورات ما ليس بحقيقة ولا مجاز» (١).
لا يقال : ما الفرق بين إرادة المثل وقد التزم قدسسره فيه بالاستعمال وبين إرادة الصنف فالتزم فيه بإمكان الوجهين من الاستعمال وإلقاء الموضوع بنفسه.
فإنّه يقال : كأنّه قدسسره نظر إلى أنّ مقتضى كون شيء مثلا للآخر هو الاثنينيّة فيهما ، ولذا يلزم اجتماع المثلين ، بخلاف موارد إرادة الصنف ، فإنّه يمكن وجود فرد من الصنف والحكم عليه بما هو فرد ، كما إذا قيل : زيد في أوّل الكلام مبتدأ ، ولذا يكون الحكم المذكور شاملا لنفس ذلك اللفظ.
أقول : الصحيح عدم الفرق بين موارد إرادة الشخص وبين موارد إرادة المثل والصنف والنوع ، فإنّ شيئا منها ليس من قبيل استعمال اللفظ في اللفظ ؛ وذلك لأنّه كما يكون المعنى كليّا ويرد عليه التقييد بحيث لا ينطبق معه إلّا على واحد ، كذلك نفس اللفظ وإذا أريد طبيعي الملفوظ يعني زيد مع هيئته وقيّد بكونه بعد شخص (ضرب) ينطبق على الواقع بعده ولا يعمّ غيره ، فيكون الحكم في القضية على فرد خاصّ لا بصورته الخاصّة ، بل بالعنوان المنطبق عليه خاصّة ، ولو ببركة التقييد.
لا يقال : القابل للتقييد والانطباق على الفرد هو الطبيعي ، لا الشخص ،
__________________
(١) الكفاية : ص ٢١.