وأما بناء على كونها ثابتة في الشرائع السابقة ، كما هو قضية غير واحد من الآيات ، مثل قوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ)(١) وقوله تعالى (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِ)(٢) وقوله تعالى (وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا)(٣) إلى غير ذلك ، فألفاظها حقائق لغوية ، لا شرعية ، واختلاف
______________________________________________________
المخترعة بلغات سائر الأمم ، ووجود لفظ الصلاة في الإنجيل المترجم بلغة العرب لا يدلّ على سبق استعمال لفظ الصلاة أو غيره في تلك المعاني قبل الإسلام ؛ لاحتمال حدوث الاستعمال عند ترجمة الإنجيل بلغة العرب بعد الإسلام.
وبالجملة ، ثبوت الحقيقة الشرعية لا يتوقّف على عدم وجود المعاني الشرعية قبل الإسلام ، بل موقوف على عدم كون الألفاظ المتداولة عندنا موضوعة لتلك المعاني الشرعية قبل الاسلام ، سواء كان ذلك لعدم المعنى الشرعي سابقا أو لعدم وضع اللفظ له قبل الإسلام (٤).
أقول : المدّعى أنّ الناس قد فهموا من قوله سبحانه (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ)(٥) عند قراءة النبي صلىاللهعليهوآله لها ولغيرها من الآيات ، المعاني الشرعية ولا يكون ذلك عادة إلّا إذا كان تعبيرهم عن تلك المعاني الشرعية السابقة على الإسلام بهذه الألفاظ المتداولة.
لا يقال : كيف يمكن دعوى الجزم بأنّ المعاني الشرعية كانت هي المتبادرة في
__________________
(١) البقرة / ١٨٣.
(٢) الحج / ٢٧.
(٣) مريم / ٣١.
(٤) أجود التقريرات : ١ / ٣٤.
(٥) سورة البقرة : الآية ١٨٣.