الشرائع فيها جزءا وشرطا ، لا يوجب اختلافها في الحقيقة والماهية ، إذ لعلّه كان من قبيل الاختلاف في المصاديق والمحققات ، كاختلافها بحسب الحالات في شرعنا ، كما لا يخفى.
ثم لا يذهب عليك أنه مع هذا الاحتمال ، لا مجال لدعوى الوثوق ـ فضلا عن القطع ـ بكونها حقائق شرعية ، ولا لتوهم دلالة الوجوه التي ذكروها على ثبوتها ، لو سلم دلالتها على الثبوت لولاه ، ومنه قد انقدح حال دعوى الوضع التعيّني معه ،
______________________________________________________
محاورات الشارع وعند نزول الآيات المشار إليها ، مع أنّ ما ورد في الروايات المعتبرة في قضية تيمّم عمّار شاهد لكون المتفاهم عندهم كانت هي المعاني اللغوية؟
فإنّه يقال : المدّعى أنّ جلّ تلك الألفاظ كانت حقيقة في تلك المعاني لا كلّها ، بحيث لا يشذّ منه لفظ أو لفظان ، ولفظ التيمّم ـ على ما يظهر من الروايات ـ لم يكن له معنى خاصّ في الشرائع السابقة ، كما يشير إليه قوله صلىاللهعليهوآله : «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا» (١).
ودعوى أنّ لفظ الصلاة أيضا كان ظاهرا في معناه اللغوى وإنّما كان يستعمل في معناه الشرعي في محاورات الشارع مجازا أو بلحاظ العلاقة ، حيث إنّ الصلاة في اللغة بمعنى الميل والعطف ، والعطف من الله سبحانه الرحمة والمغفرة ، ومن العباد طلبها ، فيكون من باب استعمال اللفظ الموضوع للكلي وإرادة فرده الخاصّ ، لا يمكن المساعدة عليها ، فإنّه لا يحتمل أن يكون قوله سبحانه (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ)(٢) مرادفا عندهم لقوله (وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ) ولا مناسبا له ، كما لا يخفى.
__________________
(١) الوسائل : ج ٢ ، باب ٧ من أبواب التيمّم ، الحديث : ٢ و ٣ و ٤.
(٢) سورة البقرة : الآية ٤٣.