وأصالة تأخّر الاستعمال [١] مع معارضتها بأصالة تأخّر الوضع ، لا دليل على اعتبارها تعبدا ، إلّا على القول بالأصل المثبت ، ولم يثبت بناء من العقلاء على التأخر مع الشك ، وأصالة عدم النقل إنما كانت معتبرة فيما إذا شك في أصل النقل ، لا في تأخره ، فتأمل.
______________________________________________________
أمره بين حمله على المعنى اللغوي أو الشرعي بأن يجهل مراد الشارع ، وعليه فيصبح البحث في الحقيقة الشرعية بحثا علميّا محضا (١).
أقول : يمكن المناقشة فيه بأنّ المراد من الصلاة في قوله سبحانه : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى)(٢) مردّد بين الدعاء ومعناه الشرعي ، وكذا في قوله سبحانه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)(٣) فإنّه يدور أمره بين الدعاء ولو بقول القائل : (اللهم ارفع درجات النبى صلىاللهعليهوآله) ، وبين كونها الصلاة المتعارفة عند المتشرّعة ، وكذا ما وصل إلينا من كلام النبي صلىاللهعليهوآله من غير طرق أئمّتنا عليهمالسلام فإنّه وإن وصل غالب كلامه إلينا بواسطتهم عليهمالسلام وكان عليهم نقله بحيث يفهم مراده صلىاللهعليهوآله لوقوع النقل فهم في مقام بيان الأحكام الشرعية إلّا أنّ قليلا منه قد وصل بغير واسطتهم فاستظهار المراد من كلامه يبتنى على البحث في الحقيقة الشرعية.
[١] قد يقال : إنّه إذا دار أمر الاستعمال بين وقوعه قبل الوصول إلى مرتبة الوضع التعيني أو بعد وصوله ، فيحمل على المعنى الشرعي لأصالة تأخّر الاستعمال.
__________________
(١) أجود التقريرات : ١ / ٣٣.
(٢) سورة الأعلى : الآية ١٤.
(٣) سورة الأحزاب : الآية ٥٦.