والإكراه والاضطرار ، مما يتكفل لأحكامها بعناوينها الثانوية ، حيث يقدم في مثلهما الأدلة النافية ، ولا تلاحظ النسبة بينهما أصلا ويتفق في غيرهما ، كما لا يخفى.
______________________________________________________
لو قيل بأنّ اعتبار الأمارة اعتبار مؤدّاها حكما واقعيّا أيضا يرتفع بقيام الأمارة في مورد الموضوع للأصل ؛ لأنّه إذا كان بمقتضى دليل اعتبار الأمارة مدلولها حكما وتكليفا واقعيّا ولو بالتنزيل ، فالعلم بذلك المدلول يكون علما بالواقع لا محالة فتحصل الغاية في اعتبار الاصول الشرعيّة ، ولو قيل بأنّ معنى اعتبارها تنزيل مؤدّاها منزلة الواقع المعلوم فالأمر أوضح ، وقد تحصّل أنّه في موارد الحكومة بنفي الموضوع لما يتضمّنه خطاب المحكوم لا يلزم أن يكون نفيه مدلولا مطابقيّا لخطاب الحاكم ، بل يكفي فيه أنّ نفيه بالالتزام.
وأمّا إذا كانت الحكومة بنفي الحكم الوارد في الخطاب الآخر سواء كان المنفي أصل إرادة الحكم وجعله من الخطاب الآخر أو نفيه في بعض الموارد ، فلا بدّ من أن يكون هذا النفي مدلولا مطابقيّا وظهورا لفظيا استعماليّا في ناحية خطاب الحاكم سواء كان هذا الظهور بقرينة مقاليّة ، كما في قوله عليهالسلام : «لا تعاد الصلاة إلّا من خمس» (١) الناظر إلى خطابات الأجزاء والشرائط للصلاة ، ونظير قوله سبحانه : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) الناظر إلى خطابات التكاليف ، أو كان بقرينة حاليّة كما في قوله عليهالسلام : «إذا مسحت بشيء من رأسك فقد أجزأك» (٢) الناظر إلى قوله سبحانه من الأمر بمسح الرأس (٣) عند الوضوء ، وهذا القسم من الحكومة يفترق الحاكم فيه عن خطاب الخاصّ في موارد التخصيص بأنّ خطاب الخاصّ بمدلوله
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ١ : ٢٢٥.
(٢) وسائل الشيعة ١ : ٤١٤ ، الباب ٢٣ من أبواب الوضوء ، الحديث ٤.
(٣) في قوله تعالى : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) سورة المائدة : الآية ٦.