إنما تحدّ الأدوات أنفسها، وتشير الآلة إلى نظائرها ، وفي الأشياء يوجد أفعالها، منعتها مذ القدمية (١) ، وحمتها قد الأزلية، وجنبتها لولا التكملة (٢) ، افترقت فدلت على مفرقها، وتباينت فأعربت عن مباينها ، لما (٣) تجلى صانعها للعقول ، وبها احتجب عن الرؤية وإليها تحاكم الأوهام ، وفيها أثبت غيره ، ومنها أنبط (٤) الدليل ، وبها عرفها الإقرار، وبالعقول يعتقد التصديق بالله، وبالإقرار يكمل الإيمان به، ولا ديانة إلا بعد معرفة، ولا معرفة إلا بالإخلاص، ولا إخلاص مع التشبيه ، ولا نفي مع إثبات الصفات للتشبيه ، فكل ما في الخلق لا يوجد في خالقه، وكل ما يمكن فيه يمتنع في صانعه ، لا تجرى عليه الحركة والسكون، وكيف يجرى عليه ما هو أجراه، أو يعود فيه ما هو ابتداء ؟! إذاً لتفاوتت ذاته ، ولتجزأ كنهه ولا متنع من الأزل معناه ، ولما كان للباري معنى غير معنى المبروء ، ولو حد له وراء ، إذا حد (٥) له أمام ، ولو التمس له التمام إذا لزمه النقصان ، كيف يستحق الأزل من لا يمتنع من الحدث (٦) ؟ وكيف ينشىء الأشياء من لا يمتنع من الإنشاء ؟ وإذا لقامت
__________________
(١) في المطبوع : القديمة ، وما أثبتناه في المتن من نسخة اك ، هه والحجرية ، وفي النسخة ر ، ع : منذ القدمة ، وكذلك الاحتجاج والتوحيد ، وفي (ج) : من القدمة . وكذلك البحار .
(٢) في المطبوع والحجرية ونسخة ج ، ها لولا الكلمة، وما في المتن أثبتناه من نسخة (ع) وحاشية نسخة (ر) وهو الموافق للمصادر.
(٣) كذا في جميع النسخ والحجرية، وفي البحار والاحتجاج بها ، والظاهر ما في البحار هو الأنسب للسياق ،.
(٤) الأنبط في نسخة (ج ، ه) غير منقطة، وفي البحار: أنيط.
(٥) في المطبوع لحد، وما في المتن أثبتناه من جميع النسخ والبحار.
(٦) في المطبوع : الحدوث ، وما في المتن من جميع النسخ والحجرية، وهو الموافق للمصادر .