الجليلين مع مؤاخاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بينهما وغاية جلالتهما وعلوّ رتبتهما لو اطّلع أحدهما على ما في قلب الآخر وما يصدر منه من الأمور العجيبة والأفعال الغريبة لما احتمل ذلك ، بل لكفره وحكم بقتله ؛ ينادي بذلك قوله عليهالسلام : فما ظنّك بسائر الخلق (١) ، أي : من لم يبلغ درجتهم ولم يصل إلى مرتبتهم ؛ وهلا ترى إلى أبي ذر رضياللهعنه لما وقف على شيء نزر من كرامات سلمان كيف تركه وخرج من عنده متعجّبا مذعورا ، ومن المعلوم أنّه لو اطّلع على أكثر من ذلك لازداد تعجّبه وذعره ، وهكذا إلى أن يصل إلى حدّ لا يحتمله ولا يدركه عقله فيحكم بكفره ويأمر بقتله ، وإلى هذا أشار سيّد السّاجدين عليهالسلام بقوله :
إنّي لأكتم من
علمي جواهره |
|
كي لا يراه ذو
جهل فيفتتنا |
وقد تقدّم في
هذا أبو حسن |
|
إلى الحسين
وأوصى قبله الحسنا |
يا رب جوهر علم
لو أبوح به |
|
لقيل لي أنت
ممّن يعبد الوثنا |
ولاستحلّ رجال
مسلمون دمي |
|
يرون أقبح ما
يأتونه حسنا |
(٢) والأحاديث بهذا المضمون مستفيضة بل متواترة ، فتتبّع.
ووقفت بعد برهة على الفوائد النجفيّة فرأيته ذكر في جملة ما ذكره (٣) رحمهالله في تأويل الأخبار المذكورة ما ذكرناه ، ولا يخفى أنّه أوجهها ، وقد استشهد أيضا بالأبيات المذكورة ، وهو نعم الوفاق ، بل ومن حسن (٤) التوفيق إن شاء الله.
هذا ، وقال في إكمال الدين : كان اسم سلمان روزبه بن خشنوذان ،
__________________
(١) في نسخة « م » : الناس.
(٢) روح المعاني للآلوسي : ٦ / ١٩٠ ، وفيه :. كي لا يرى الحقّ ذو جهل فيفتتنا.
(٣) في نسخة « ش » : ما ذكر.
(٤) في نسخة « ش » : أحسن.