اللهم ان كان في المصابرة لحرارة المعان من الظالمين ، وكمد من يشاهد من المبدلين لك ، ومثوبة منك فهب لي مزيدا من التأييد ، وعونا من التسديد الى حين نفوذ مشيئتك فيمن اسعدته واشقيته من بريتك ، وامنن علي بالتسليم لمحتومات أقضيتك ، والتجرع لصادرات اقدارك ، وهب لي محبة لما احببت في متقدم ومتأخر ، ومتعجل ومتأجل ، والايثار لما اخترت في مستقرب ومستبعد ، ولا تخلنا مع ذلك من عواطف رحمتك ... وحسن كلائتك .. » (٣٢)
لا اكاد أعرف وثيقة سياسية حفلت بتحديد الاوضاع الراهنة في البلاد في ذلك العصر ، كهذا الدعاء الذي تحدث فيه الامام عن الازمات السياسية التي عاناها المسلمون أيام الحكم الاموي المعاصر له خصوصا عهد الطاغية عبد الملك بن مروان الذي جهد على اذلال المسلمين ، وارغامهم على ما يكرهون ، وقد سلط عليهم الطاغية الحجاج بن يوسف الثقفي الذي عاث في دينهم ودنياهم ، وسعى في الارض فسادا ، فلم يترك لونا من الوان الظلم إلا صبه على المسلمين حتى طاشت الاحلام ، وبلغت القلوب الحناجر ، وأودى الصبر ، وانقطعت حبائله ، والامام يطلب من الله ان ينقذ المسلمين من محنتهم ، وينزل عقابه الصارم بالمردة الظالمين.
٢ ـ كان (ع) يدعو بهذا الدعاء في قنوته « بمنك وكرمك يا من يعلم هواجس السرائر ومكامن الضمائر ، وحقائق الخواطر ، يا من هو لكل غيب حاضر ، ولكل منس ذاكر ، وعلى كل شيء قادر ، والى الكل ناظر ، بعد المهل وقرب الاجل ، وضعف العمل ، وأراب الامل.
وأنت يا الله الآخر كما أنت الاول مبيد ما أنشأت ، ومصيرهم الى
__________________
(٣٢) مهج الدعوات ( ص ٥١ ).