مدينة علم النبي (ص) ووصيه الذي فاق جميع علماء الدنيا في مواهبه وعلومه ، وعلى هذا الطراز من سعة العلم الذي لا يحد سائر الأئمة الطاهرين (ع) فهذا الامام علي بن موسى الرضا (ع) حينما نصبه المأمون ولي عهده ، فاوعز الى جميع علماء الدنيا بالحضور الى خراسان لامتحان الامام واختباره ريثما يظهر عليه العجز فيتخذ ذلك وسيلة الى هدم مذهب التشيع وابطال ما ذهبت إليه الشيعة من أن الامام افضل اهل عصره ، واعلم اهل زمانه ، ولما اجتمع العلماء في خراسان أجزل لهم المأمون بالعطاء وندبهم الى مهمته ، وكان المدون لمسائلهم علي بن عيسى ، يقول وقد سئل الامام عن اربعة وعشرين الف مسألة ، وقد دونتها ، وتناولت علوما مختلفة من علم الفلك والنجوم والطب والفيزياء ، والفلسفة وعلم الكلام وغيرها ، وقد اجاب الامام عنها ، وما التقى به وفد من العلماء ، وخرج إلا وهو يقول بامامة الرضا ، وعقب علي بن عيسى كلامه بقوله : « ومن قال ان الله خلق افضل من علي بن موسى فلا تصدقه » (٢١٤).
وهذا ولده الامام محمد الجواد (ع) حينما آلت إليه الامامة بعد وفاة أبيه كان عمره الشريف لا يتجاوز العشر سنين فقربه المأمون وعظمه ، فحسده العباسيون ، وكلموا المأمون في أمره فعرفهم بامامته ، وان الله منحه العلم والفضل ، وميزه على الخلق اجمعين ، فانكروا ذلك عليه ، فعهد إليهم باختباره وامتحانه ، فخفوا الى يحيى بن اكتم الذي تقلد رئاسة القضاء ، وهو المع شخصية علمية في بغداد ، وطلبوا منه امتحان الامام (ع) فاجابهم الى ذلك ، وعقدوا مؤتمرا علميا في البلاط العباسي حضره كبار العلماء ، واقبل يحيى بن اكتم فسأل الامام عن اعقد المسائل واشكلها ،
__________________
(٢١٤) عيون اخبار الرضا.