قوله : ( لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم ) (١) ، وقوله ( يا أيها الانسان ما غرك بربك الكريم * الذي خلقك فسواك فعدلك * في أي صورة ما شاء ركبك ) (٢) وفي آيات كثيرة.
فأول نعمة الله على الانسان صحة عقله وتفضيله على كثير من خلقه بكمال العقل وتمييز البيان ، وذلك أن كل ذي حركة على بسيط الأرض هو قائم بنفسه بحواسه مستكمل في ذاته ، ففضل بني آدم بالنطق الذي ليس في غيره من الخلق المدرك بالحواس ، فمن أجل النطق ملك الله ابن آدم غيره من الخلق حتى صار آمراً ناهياً ، وغيره مسخر له ، كما قال الله : ( كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم ) (٣) ، وقال : ( وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحماً طرياً وتستخرجوا منه حلية تلبسونها ) (٤) ، وقال : ( والأنعام خلقها لكم فيها دف ء ومنافع ومنها تأكلون * ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون * وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس ) (٥).
فمن أجل ذلك دعا الله الانسان إلى اتباع أمره وإلى طاعته ، بتفضيله إياه باستواء الخلق وكمال النطق والمعرفة بعد أن ملكهم استطاعة ما كان تعبدهم به بقوله : ( فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا ) (٦) وقوله : ( لا
__________________
(١) سورة التين : ٩٥ / ٤.
(٢) سورة الانفطار : ٨٢ / ٦ ـ ٨.
(٣) سورة الحج : ٢٢ / ٣٧.
(٤) سورة النحل : ١٦ / ١٤.
(٥) سورة النحل : ١٦ / ٥ ـ ٧.
(٦) سورة التغابن : ٦٤ / ١٦.