هي جحدت وأنكرت لزمها الخروج من الملة » (١).
لقد اُثيرث مسألة خلق القرآن منذ زمان المأمون ، فقد ابتدعها الحكم العباسي ، وأثاروها للقضاء على خصومهم ، وقد قتل خلق كثيرون من جرائها ، وانتشرت الأحقاد والأضغان بين المسلمين.
وانقسم العلماء فيها إلى قسمين ؛ فمنهم من قال بقدم كلام اللّه سبحانه ، ومنهم من قال بحدوثه ، مما أدّى إلى خلق فتنة ومحنة راح ضحيتها الكثير من الأعلام ، وكان جواب الأئمّة عليهمالسلام المعاصرين لتلك المحنة واضحا ، يقوم على اعتبار الجدال في القرآن بدعة مع التفريق بين كلام اللّه تعالى وبين علمه ، فكلامه تعالى محدث وليس بقديم ، قال تعالى : ( ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث ) (٢) ، وأما علمه فقديم قدم ذاته المقدسة ، وهو من الصفات التي هي عين ذاته.
روى الشيخ الصدوق بالاسناد عن محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني ، قال : « كتب علي بن محمد بن علي بن موسى الرضا عليهمالسلام إلى بعض شيعته ببغداد : بسم الله الرحمن الرحيم ، عصمنا الله وإياك من الفتنة ، فإن يفعل فأعظم بها نعمة ، وإن لا يفعل فهي الهلكة ، نحن نرى أن الجدال في القرآن بدعة اشترك فيها السائل والمجيب ، فيتعاطى السائل ما ليس له ، ويتكلف المجيب ما ليس عليه ، وليس الخالق إلا الله عز وجل ، وما سواه مخلوق ، والقرآن كلام الله ، لا تجعل له اسماً من عندك فتكون من الضالين ، جعلنا الله
__________________
(١) تحف العقول / الحراني : ٤٥٩.
(٢) سورة الأنبياء : ٢١ / ٢.