بأنواع العذاب حتى خلع نفسه من الخلافة وولي بعده المهتدي باللّه ، ثم سلموه إلى من يسومه سوء العذاب بأنواع المثلات ، ومنع من الطعام والشراب ثلاثة أيام حتى جعل يطلب شربة من ماء البئر فلم يسق ، ثم أدخلوه سربا وجصصوا عليه ، فأصبح ميتا ، وأشهدوا عليه جماعة من الأعيان أنه مات وليس به أثر (١).
ان الرقابة والحصار والإقامة الجبرية وغيرها من ممارسات السلطة لم تفلح في قطع الإمام عليهالسلام بشكل كلّي عن المناطق التي يتملك فيها أتباعا وجماهير تدين بإمامته وتؤمن بمرجعيته ، لأنه استطاع أن يكسر بعض حاجز الحصار والاحتجاب القسري عن طريق تفعيل عمل الوكلاء والمكاتبات.
وقد أحاط الامام ، أعماله بالسرية والكتمان والحيطة إلاّ بالمقدار الذي تسمح به الظروف ، لذلك عمد الى اتخاذ الوكلاء والقوّام الثقات الذين يمثّلون خط الامامة الأصيل في أطراف البلاد الشاسعة ، ليكون الإمام عليهالسلام قادرا على ممارسة دوره في نشر الوعي الديني والعقائدي ، والحفاظ على مفاهيم الرسالة والقيم الاسلامية المقدسة ، والاتصال مع قواعده الشعبية في ظل تلك الظروف العصيبة.
ومن هنا كانت له عليهالسلام امتدادات واسعة في المواقع الاسلامية ، تضمنها له عملية تنظيم الوكلاء والقوّام وتفعيل دورهم ، بحيث كان له وكيل في كل منطقة له فيها أتباع وشيعة يأتمرون بأمره وينضوون تحت ولايته ، وكانوا يتصلون
__________________
(١) الكامل في التاريخ ٦ : ٢٠٠ ، الفخري في الآداب السلطانية : ٢٤٣ ، البداية والنهاية ١١ : ١٦ ، سير أعلام النبلاء ١٢ : ٥٣٣.