من المكفول له لا من الكفيل ، ومن المعلوم عدم التزامه بذلك إذا لم يكن ذلك من الكفيل نفسه في عقد الكفالة ، ولذا قال في جوابه إنه إن قال هو علي خمسمائة درهم إن لم آت به لزم ذلك.
نعم إنما جاء الاشتباه في رواية بعض نسخ التهذيب ، والظاهر أنه اشتباه من النساخ ، فإن ما في الكافي. أضبط ، خصوصا مع اعتضاده ببعض نسخ التهذيب ، وشهادة الرواية الأولى له ، وهذا معنى جيد في الخبرين ، ويشهد له ما تقدم من النصوص ، الظاهرة في عدم تكليف الكفيل إلا بالإحضار ، وأنه يحبس على ذلك ، وهو معنى قوله هنا « وهو كفيل بنفسه أبدا ».
كما أن الخبرين ظاهران أو صريحان في وجود عقد الكفالة بغير هذا اللفظ ، وإنما ذكره على سبيل الاشتراط الذي يشمله عموم « المؤمنون عند شروطهم » (١) وليس هو بمعنى التعليق المقتضي لبطلان العقد ، وبذلك يصح بالشرط المزبور الالتزام بالمال المذكور ، وإن لم يكن هو على المكفول ، وإن كان المنساق إلى الذهن ارادة اشتراط ما على المكفول.
ولعل هذا أولى من المحكي عن الكركي من بيان الفرق بين المسألتين بأنه إذا قدم براءة الذمة المضمون عنه. بقوله علي كذا امتنعت الكفالة حينئذ ، لعدم حق له حينئذ عليه ، فلا يلزم إلا بالمال ، بخلاف ما إذا قدم الكفالة ، فإنه يكون الضمان ـ المتعقب لها لكونه معلقا على شرط ـ باطلا ، ولمنافاة الضمان صحة الكفالة.
إذ هو كما ترى مناف لما عرفته ، من النص والإجماع المحكي وغيره من تقييد لزوم المال في صورة تقديم الضمان بعدم الإحضار ، وأنه مراد المصنف هنا وان ترك ذكره ، ومناف أيضا للتعليق المقتضي لبطلان الضمان ، بل ولعدم براءة المضمون عنه التي ذكرها ، وبنى عليها بطلان الكفالة.
بل ومناف لما هو ظاهر الخبرين أو صريحهما من حصول عقد الكفالة أولا بغير اللفظ المزبور ، بل لا يتم أيضا بناء على أن المسألة أعم من كون المكفول على مال ،
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب المهور الحديث ـ ٤ ـ.