البناء المقدر بالعمل ، كدعوى عدم العوض بعد تساويهما في العمل وغيره التي يمكن دفعها بما عرفته سابقا من عدم اعتبار العوض في الصلح ، على أنه يمكن القول هنا بأن الشارط على نفسه متبرع بما يخص شريكه من عمله ، والشارط لنفسه غير متبرع ، فيشترط له قدرا من الملك.
وكذا دعوى اقتضاء تعليق الملك في عين ـ وهو ممتنع لامتناع الأجل في الملك ومن هنا احتمل بعضهم جواز اشتراط تملك الأكثر من الآلات لا من الجدار بعد البناء وحينئذ فلو انفرد أحدهما بالعمل وشرط لنفسه الأكثر من الآلة صح قطعا ـ ، إذ قد تدفع أيضا بأن هذا الصلح يجرى مجرى الاستيجار على الطحن بجرو من الدقيق ، وعلى الارتضاع بجزء من العبد ، فإنه يملكه في الحال ، ويقع العمل فيما هو مشترك بينه وبين غيره ، وعلى هذا يملك الأكثر مبنيا.
كل ذلك مضافا الى ما سمعته غير مرة من كون الصلح عقدا مستقلا برأسه ، لا يعتبر فيه جريان غيره من العقود على مورده ، فربما كان مورده لا يجرى عليه عقد من العقود ، وإنما فسر أنه كلما يفرض إمكان قطع الخصومة به لو كانت مما لا يكون فيه تحليل حرام ولا تحريم حلال ، ولا ريب في جواز رفع أحد الشريكين يده عما يملكه من آلات الجدار جميعه ، فضلا عن الأكثر ، ببنائه من الشريك الآخر خاصة ، أو مع كونه معه ، فيصح الصلح حينئذ عليه وان لم يكن عوض للمتبرع من ماله وعمله سوى كون الجدار مبنيا ليكون ساترا مثلا بينهما كما هو واضح. والله العالم.
ثم انه لا خلاف ولا إشكال في جواز قسمة الجدار المشترك طولا وعرضا ، وطوله امتداده من زاوية البيت مثلا إلى الزاوية الأخرى ، لا ارتفاعه عن الأرض الذي هو عمقه والعرض هو السطح الذي يوضع عليه الجذوع ، فلو كان طوله عشرا وعرضه ذراعين فاقتسما في كل الطول ونصف العرض ، فيصير لكل واحد منهما طول عشرة أذرع في عرض ذراع جاز ، وكذا لو اقتسماه في كل العرض ونصف الطول بأن يصير لكل واحد منهما طول خمسة أذرع في عرض ذراعين.
ثم القسمة بعلامة توضع جائزة في الأمرين ، وبالنشر جائز في الثاني دون الأول