وفي هذا القسم من التخصيص لا نواجه بحسب الحقيقة أي تعارض أو تناف بين الدال على العموم والدال على التخصيص ، لا بلحاظ مرحلة المدلول التصوري ولا بلحاظ مرحلة المدلول التصديقي. لأن أدوات العموم موضوعة للدلالة على عموم أفراد مجموع ما يقع مدخولاً لها لا خصوص ما يتعقبها ويتصل بها من العناوين. وهذا يعني أن التقييد بالوصف يتم في مرحلة سابقة على العموم ويكون العموم طارئاً على العنوان المقيد من أول الأمر.
وعلى هذا الأساس يتضح : أنه لا موضوع في هذا القسم من التخصيص بالمتصل للسؤالين المطروحين آنفاً إذ لم تنعقد دلالتان فعليتان إحداهما في العموم ، والأخرى في الخصوص ويراد تقديم إحداهما على الأخرى كي يفتش عن ملاك للتقديم.
كما أن العام إنما كان حجة في تمام الباقي في هذا القسم باعتبار أن عمومه لم يخصص ولم يقتطع منه شيء أصلاً وإنما انصب العموم من أول الأمر على العنوان المقيد ، فيكون الباقي هو تمام العام.
القسم الثاني ـ التخصيص بالاستثناء ، من قبيل ( أكرم كل الشعراء إلا الفساق ) وفي هذا القسم من التخصيص المتصل تكون الدلالة على العموم منعقدة في نفسها لاكتمال مدخول الأداة قبل الاستثناء لعدم كون الاستثناء جزءً من مدخولها وإنما هو نظير قولنا ( أكرم هؤلاء العشرة إلاّ زيداً ) من حيث انعقاد الدلالة على العشرة في نفسها ولكنه قد اقتطع منها المستثنى.
والتحقيق في هذا القسم : أنه يوجد فيه ثلاث دلالات. إحداها : دلالة الأداة على العموم. والثانية : دلالة أداة الاستثناء على الاقتطاع وعدم شمول حكم المستثنى منه للمستثنى. والثالثة : دلالة الحالة السياقية المتحصلة من العام المتعقب بالاستثناء على العموم المقتطع منه بمقدار الخاصّ المستثنى. وهذه الدلالة هي التي تستقر في الذهن أخيراً ، فإن للحالة السياقية تأثيراً في تكوين الظهور