بما يقابله من الدليل الآخر اعتباط وجزاف ، إذ كما يمكن الأخذ بجزء من المفاد في كل منهما كذلك يمكن طرح كلا الجزءين من مفاد أحدهما والأخذ بكلا جزئي مفاد الآخر ، فالجزء المطروح من مفاد كل منهما كالجزء الّذي أخذ به من الآخر من حيث كونه موضوعاً للحجية فترجيحه على الآخر بلا مرجح.
الثاني ـ تفسير هذه القاعدة على أساس الجمع العرفي ، بدعوى : أن موارد التعارض يمكن فيها الجمع العرفي بوجه من الوجوه في أغلب الحالات ولأجل توضيح هذه الفكرة نطبقها على الموردين التاليين.
المورد الأول ـ أن يجمع بينهما بحسب الموضوع ، وذلك فيما إذا ورد مثلاً ( لا بأس ببيع العذرة ) و ( ثمن العذرة سحت ) ، فإنه يخصص الموضوع في كل منهما بغير موضوع الآخر ، بدعوى : أن في كل منهما دلالتين. دلالة وضعية على ثبوت الحكم بنحو القضية المهملة المستفادة من اسم الجنس ، ودلالة إطلاقية على شمول الحكم لتمام الأفراد المستفادة من مقدمات الحكمة. والمعارضة بحسب الحقيقية ليست بين الدالين على القضيتين المهملتين بل بين الدلالة الإطلاقية من كل منهما مع مدلول الآخر ، وباعتبار كون الدلالة على القضية المهملة وضعية والدلالة الوضعيّة أقوى وأظهر من الدلالة الإطلاقية ، فيرفع اليد لا محالة عن إطلاق كل منهما بالظهور الوضعي في الآخر ، وبذلك لا تصل النوبة إلى تعارض الدلالتين الإطلاقيتين وتساقطهما ، فيستخلص قضيتان مهملتان تتعيّنان في القدر المتيقن من كل طرف ، فيحكم في المثال بحرمة بيع عذرة غير المأكول ، وجواز بيع عذرة المأكول.
المورد الثاني ـ الجمع العرفي بينهما بحسب المحمول ، كما إذا ورد أمر بشيء ظاهر في وجوبه مع ورود ترخيص في تركه بلسان ظاهر في إباحته بالمعنى الأخص ، فإنه يمكن أن يجمع بينهما بحمل الأمر على مطلق الرجحان ،