لبعض دون بعض ترجيح بلا مرجح ، من دون فرق بين أن تكون هناك معارضة واحدة بين مجموع تلك الأدلة أو أكثر ، كما إذا تعارض دليل مع دليلين بملاكين مختلفين. ومن دون فرق بين أن تكون المعارضة من جهة التنافي بين مدلول كل منها مع مدلول الآخر أو من جهة التنافي بين الرواية ، كما إذا علم بكذب أحد الرّواة وعدم صدور ما ينقله عن المعصوم عليهالسلام. وبهذا يعرف أن موارد اختلاف النسخ في نقل الرواية تكون من باب التعارض أيضا.
إلاّ أنه ربما يتصور في خصوص ما إذا وقع الاختلاف والتهافت في طريق نسخة واحدة دون طريق النسخة الأخرى أو الرواية المعارضة ، إمكان إنجاء النسخة الأخرى أو المعارض الّذي لم يقع اختلاف في طريق نقلهما عن المعارضة. ومن تطبيقات هذه الكبرى في الفقه رواية ذريح المعروفة في العصير العنبي المغلي قال : « سَمِعتُ أبا عَبدِ اللهِ عليهالسلام يَقُول : إذا نَشّ العَصِيرُ أو غَلا حَرُمَ » (١). حيث أنها نقلت في التهذيب بـ ( أو ) ونقلها صاحب الوسائل عن الكافي بـ ( و) ونقلها صاحب البحار عن الكافي بـ ( أو ) فيدعى حينئذ اختصاص التعارض بطريقي النسختين الواردتين في مقام تعيين عبارة الكافي ويبقى نقل التهذيب سليماً عن التعارض.
والتحقيق ـ على ما أوضحناه في محله في الفقه (٢) ان الأمر يختلف باختلاف المبنى في كيفية تصور حجية الخبر مع الواسطة. فالتصور المتعارف لحجيته هو أن يقال : بأن المخبر المباشر لنا يخبرنا عن خبر من قبله فيثبت لنا خبر من قبله على أساس حجية إخبار المخبر المباشر ومن قبله يخبر عن خبر من قبله فيثبت لنا ذلك الخبر وهكذا ، فبناء على هذا التصور لا معارض لنقل التهذيب
__________________
(١) وسائل الشيعة باب ٣ من أبواب الأشربة المحرمة.
(٢) بحوث في شرح العروة الوثقى الجزء الثالث ، ص ٤٠٥.