هو المقيد لا المطلق. وبذلك يتفادى محذور الإجمال عند احتمال القرينة المنفصلة ، إذ يمكن إحراز الإطلاق لأن الظهور في الخطاب المطلق فعلي مع قطع النّظر عن القرينة المنفصلة فيكون مكذباً لاحتمال وجودها (١).
وهذه المحاولة في دفع إشكال الإجمال عن الاتجاه الّذي سلكه الشيخ ـ قده ـ مما لا يمكن المساعدة عليه. بل لو فرض توقّف الإطلاق على عدم البيان الأعم من المتصل والمنفصل لأجملت المطلقات وما أمكن التمسك بشيء منها في موارد احتمال صدور بيان منفصل على التقييد ، فنفس وضوح عدم سقوطها وتمسك العرف بها دليل آخر على أن المأخوذ في مقدمات الإطلاق إنما هو عدم البيان المتصل خاصة ـ كما عليه صاحب الكفاية ـ قده ـ.
والوجه في ذلك : إنه إذا كان المقصود من ارتفاع الظهور الإطلاقي في كل زمان بورود البيان المنفصل في ذلك الزمان ، هو ارتفاع حجيته باعتبار القرينة والجمع العرفي لا ارتفاع ظهوره ودلالته التصديقية على إرادة الإطلاق ، فهذا صحيح فيما إذا كان البيان المنفصل صالحاً للقرينية والجمع العرفي لا في محل الكلام الّذي يكون المعارض جزء من مدلول العام. فإذا افترضت صلاحية هذا المقدار للقرينية والجمع العرفي أيضا كان لا بد من إبراز نكتة أخرى لها غير مسألة تنجيزية الظهور في العام وتعلقيّته في المطلق.
وإن كان المقصود ارتفاع أصل الظهور التصديقي في المطلق بورود البيان ولو منفصلاً ، بحيث يكون مجيء القرينة في كل زمان موجباً لارتفاع الظهور التصديقي بلحاظ ذلك الزمان ـ كما هو ظاهر كلمات هذه المدرسة ـ فهذا مما لا نتعقله. وقد ذكرنا في بحث التقييد أن المتكلم إما أن يكون ظاهر حاله أنه في مقام بيان تمام مراده الجدّي بشخص خطابه المطلق ، فهذا يعني أن مجرّد عدم نصب البيان والقرينة على التقييد متصلاً بالمطلق كافٍ في انعقاد الظهور الإطلاقي وفعليّته ولا يكون
__________________
(١) راجع مصباح الأصول ، ص ٣٧٧.