أخبار آحاد وادعي أن هذه الطائفة تشملها أيضا باعتبارها مما لا شاهد عليه من الكتاب فغايته أن يقع التنافي بينهما والتعارض ، حيث يكون إطلاق دليل الحجية العام لكل منهما موجباً لخروج الآخر عنه ، فيتعارض الإطلاقان لدليل الحجية ، فلا تثبت حجية شيء منهما. ومعه لا يثبت تقييد زائد في دليل الحجية العام.
٣ ـ لو قطعنا النّظر عن روايات طرح ما خالف الكتاب مع ذلك قلنا أن هذه الطائفة تتعارض مع جملة من أدلة الحجية التي وردت في الشبهات الحكمية ، أو التي لا يمكن تخصيصها بغيرها ، وبعد التعارض يرجع إلى مثل آية البناء من أدلة الحجية العامة ، باعتبارها مرجعاً فوقانياً. من دون فرق بين أن يكون المستظهر من مثل رواية ابن أبي يعفور إلغاء الحجية رأساً ، أو تخصيصها بما إذا كان عليه شاهد من الكتاب ، لأن في أدلة الحجية ما لا يمكن تخصيصه بذلك أيضا ، فإن مثل آية النفر أو ما دل من الروايات القطعية على لزوم اتباع ما جاء به الثقة المأمون ، مما لا يمكن أن يكون المراد منه خصوص ما توجد معه دلالة قرآنية ، إذ لو كان النّظر إلى ذلك لكفى أن يعوّل على القرآن الكريم ويأمر بالرجوع إليه من دون حاجة إلى التأكيد على ضرورة النفر والتبليغ والاتباع والإطاعة لما يقوله الثقة المأمون.
٤ ـ لو قطع النّظر عن العموم الفوقاني ـ كما إذا لم يتم الاستدلال بآية البناء ـ مع ذلك أمكن أن يقال : أن النسبة بين رواية ابن أبي يعفور وآية النفر ـ المستفاد من إطلاقها لصورة عدم حصول العلم من الإنذار حجية الخبر ـ هي العموم من وجه لشمول الرواية الأخبار الواردة في غير الفروع التي لا تشملها آية النفر ـ إن صح استظهار اختصاصها بذلك بقرينة كلمة التفقه في الدين ـ وشمول الآية لصورة حصول العلم من الخبر ولا تشملها الرواية ، فإذا فرضنا وجود رواية واحدة ـ ولو غير قطعية سنداً ـ دلت على حجية خبر الثقة في الفروع بالخصوص ـ كما قد يستظهر ذلك من بعض روايات حجية خبر الثقة بقرينة ما ورد فيها من الأمر بالسماع للراوي والإطاعة ـ فسوف تكون النتيجة