الكتاب وطرح ما يخالفه من تفريعات تلك الكبرى ، فكأنه يقول ، خذ بما يوافق الكتاب لأنه نور على الصواب ، وحينئذ سوف تصبح هذه الطائفة من حيث المفاد كالطائفة السابقة الدالة على إلغاء مالا شاهد عليه من الكتاب عن الحجية ، والّذي قد يكون عرفاً بحكم إلغاء الخبر عن الحجية مطلقاً ، فلا بد من تخصيصها بالخبر في أصول الدين مثلاً أو حملها على التقية ، على أساس المناقشات المتقدمة في التعليق على تلك الطائفة.
الرابعة ـ أن العقد الإيجابي من مدلول هذه الطائفة دل على لزوم الأخذ بما وافق الكتاب. فهل يستظهر منه تأسيس حجية جديدة غير حجية خبر الثقة ، فتكفي الموافقة للكتاب في حجية الخبر ولو كان من غير ثقة ، أو أنه إرشاد إلى رفع المانع عن الحجية الناتج من مخالفة الخبر للكتاب ، فلا يكون حجة إلاّ إذا اجتمعت شرائط الحجية الأخرى فيه ، شأنه في ذلك شأن أدلة الشرطية والمانعية الأخرى؟
الظاهر هو الثاني ، سواء فسرنا الموافقة بعدم المخالفة أو بوجود مضمونه في الكتاب. أما على الأول فلأن مجرد عدم المخالفة لا يصلح لأن يكون سبباً للحجية بحسب مناسبات الحكم والموضوع العرفية في باب الحجية القائمة على أساس الطريقية والكاشفية. وأما على الثاني ، فلأن تأسيس حجية ما يوجد مضمونه في الكتاب وإن لم يكن لغواً عقلاً ، حيث يمكن أن يظهر أثره فيما إذا فرضنا أن تلك الدلالة القرآنية ساقطة عن الحجية بالتخصيص ونحوه ثم ورد خبر يوافقها ويكون أخص من ذلك المخصص ، فإنه على تقدير جعل الحجية لهذا الخبر ترجع الدلالة القرآنية إلى الحجية ببركة حجية ذلك الخبر بمقدار مفاده. إلاّ أن هذا مجرد أثر عقلي وليس عرفياً ، بل المتفاهم من الأمر بأخذ ما يوافق الكتاب التعويل على الكتاب لا جعل الحجية للخبر الموافق معه. نعم لا مانع من حجيته بدليل آخر إذا اجتمعت سائر شروط الحجية فيه ، لأن المانع هو المخالفة مع الكتاب والمفروض انتفائها.