الخامسة ـ أن العقد السلبي في هذه الطائفة دل على إلغاء ما يخالف الكتاب عن الحجية ، والمخالفة كما تشمل التنافي بنحو التباين أو العموم من وجه كذلك تشمل التنافي بنحو التخصيص أو التقييد أو الحكومة ، لأن ذلك كله يصدق عليه المخالفة فيكون مقتضى إطلاقها طرح ما يعارض الكتاب الكريم مطلقاً سواء كان تعارضاً مستقراً أو غير مستقر.
وقد أجاب المحققون عن هذا الإشكال بأحد جوابين.
الأول ـ أن المعارضة بنحو التخصيص أو التقييد أو الحكومة ليست بمخالفة عرفاً لأن الخاصّ والمقيد والحاكم تكون قرينة على المراد من العام والمطلق والمحكوم فلا تعارض بينهما.
الثاني ـ وجود علم إجمالي بصدور كثير من المخصصات والمقيدات للكتاب عن الأئمة عليهمالسلام ، وهذا إن لم يشكل قرينة متصلة تصرف عنوان المخالفة في هذه الروايات إلى الأنحاء الأخرى من المخالفة ، أي التعارض المستحكم فلا أقل من سقوط الإطلاقات القرآنية عن الحجية بالتعارض الداخليّ فيما بينها على أساس هذا العلم الإجمالي ، فتبقى الأخبار المخصصة على حجيتها.
أقول : تارة ، يراد من المخالفة المخالفة مع دلالة قرآنية يكون مقتضي الحجية فيها ثابتاً حتى بعد مجيء الخبر المخالف ، كما في موارد عدم قرينية الرواية المخالفة وعدم وجود ما يسقط الظهور القرآني عن الحجية في نفسه. وأخرى : يراد المخالفة مع دلالة قرآنية يكون مقتضي الحجية فيها محفوظاً بقطع النّظر عن الرواية المخالفة فيشمل صورة قرينية الخبر المخالف وتكون هذه الطائفة بنفسها دليلاً على سلب الحجية عن القرينة المخالفة. وثالثة : يراد المخالفة مع دلالة قرآنية ولو لم يكن مقتضي الحجية محفوظاً فيها حتى لو قطع النّظر عن الخبر المخالف باعتبار علم إجمالي بالتخصيص والتقييد ونحو ذلك.
فعلى الاحتمال الأول يتم كلا الجوابين ، لعدم انحفاظ مقتضي الحجية